يزيد وينقص، فلهذا رأى مالك الاستظهار. والأصل في الدم الظاهر من الرحم أنه حيض فيجب أن لا تصلي حتى تستيقن زواله، ولهذا أجمع الفقهاء على ترك المبتدأة بالدم للصلاة أول ما ترى الدم، وأقصى مدة الدم عند مالك خمسة عشر يومًا، فكان يقول في المبتدأة، والتي أيامها معروفة فيزيد حيضها: إنهما تقعدان إلى كمال خمسة عشر يومًا، أي إذا استمر الدم بهما فإذا زاد فهو استحاضة، ثم رجع في ذلك فيمن لها أيام معروفة أن تستظهر بثلاثة أيام على عادتها ما لم تتجاوز خمسة عشر يومًا. ولا استظهار عند مالك إلا في هاتين المرأتين في هاتين الحالتين، وجعل الاستظهار ثلاثة أيام لتستبين فيها حالة الدم، والفرق استدلالًا، أي قياسًا بحالة المصراة تحلب ثلاثة أيام ليتبين فرق اللبن. واحتجوا بحديث حرام بن عثمان عن ابني جابر أن أسماء بنت مرثد الحارثية كانت تستحاض فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "اقعدي أيامك التي كنت تقعدين ثم استظهري بثلاثة أيام، ثم اغتسلي وصلي". قال: ورواه إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن حرام بن عثمان عن محمد وعبد الرحمن ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما عن أسماء بنت مرثد أنها كانت تستحاض، فذكر معنى ما ذكر. قال ابن عبد البر: وهذا حديث لا يوجد إلا بهذا الإِسناد، وحرام بن عثمان متروك الحديث مجتمع على طرحه لضعفه ونكارة حديثه، حتى لقد قال الشافعي: الحديث عن حرام بن عثمان حرام) اهـ.
تنبيه آخر:
قال ابن عبد البر -رحمه الله-: والفقهاء بالحجاز والعراق مجمعون على أن المستحاضة تؤمر بالوضوء لكل صلاة، منهم من رأى ذلك واجبًا عليها ومنهم من رآه مستحبًا لها. قلت: وهو قول مالك -رحمه الله-، فإنه لا يرى الوضوء واجبًا عليها إلا من حدث، لكن يستحب لها الوضوء كصاحب السلس، وباقي الأئمة أوجبوا عليها الوضوء لكل صلاة.
فائدة:
الدماء الخارجة من رحم المرأة ثلاثة: دم الحيض: وهو الذي يخرج في وقته المعتاد بصفته المعروفة عند النساء، والغالب أن المرأة تحيض في كل