للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر وتتوضأ فيما بين ذلك" خرّجه أبو داود وصحّحه ابن حزم.

وأما الرابع: فحديث حمنة بنت جحش وفيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيّرها بين أن تصلي الصلوات بطهر واحد، عندما ترى أنه قد إنقطع دم الحيض وبين أن تغتسل في اليوم والليلة ثلاث مرات" على حديث أسماء بنت عميس، إلا أن هنالك ظاهره على الوجوب وهنا على التخيير. فلما اختلفت ظواهر هذه الأحاديث ذهب الفقهاء في تأويلها أربعة مذاهب: مذهب النسخ، ومذهب الترجيح، ومذهب الجمع، ومذهب البناء، قال: والفرق بين الجمع والبناء أن الباني ليس يرى أن هناك تعارضًا فيجمع بين الحديثين، وأما الجامع فهو يرى أن هناك تعارضًا في الظاهر، فتأمل هذا فإنه فرق بيّن.

أما من ذهب مذهب الترجيح؛ فمن أخذ بحديث فاطمة لمكان الاتفاق على صحته فإنه لم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل لكل صلاة ولا أن تجمع الصلاتين بغسل واحد ولا بشيء من تلك المذاهب. قال: وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحاب هؤلاء وهم الجمهور، ومن صحت عنده الزيادة الواردة فيه من هؤلاء وهي الأمر بالوضوء لكل صلاة، أوجب ذلك عليها ومن لم تصح عنده لم يوجب ذلك عليها) اهـ.

قلت: ويؤيد هذا القول حديث أم حبيبة بنت جحش في أكثر رواياته ما عدا رواية ابن إسحاق كما تقدم. قال: (وأما من ذهب مذهب البناء فقال: إنه ليس بين حديث فاطمة وحديث أم حبيبة تعارض أصلًا، ثم ذكر ما معناه أن الذي في حديث فاطمة سؤال عن الدم هل هو دم حيض أم لا؟ فأخبرها أنه ليس بحيض يمنع الصلاة، ولم يخبرها بوجوب الطهر لكل صلاة ولا عند انقضاء الحيض. وفي حديث أم حبيبة أمرها بشيء واحد وهو التطهر لكل صلاة أي على الرواية بذلك، أي فتكون زيادة على ما في حديث فاطمة بنت قيس، لكن قد يجاب عنه بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلو كان الغسل واجبًا عليها لكل صلاة لأخبرها بذلك. أما الغسل بعد الحيض فقد كان معلومًا عندها فلا يرد على ذلك عدم ذكره، لكن من يرى الزيادة نسخًا قد يقول إن هذه الزيادة لم تكن ثابتة فيدعي النسخ بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>