للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الإختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة وحديث القلتين.

قلت: هذا لا يوجب الإحتجاج به إلا على من احتج بما ذكر، وقد تقدّم الخلاف في ذلك فليس الإحتجاج به متفقًا عليه حتى يلزم بمثله، وقد ذكر النووي في شرح المهذب وغيره أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم، وتبع النووي ابن الصلاح في بعض ما قاله ابن الصلاح. وقد تقدّم قول أحمد فيه، وخالف الشوكاني أيضًا فيه قول النووي ومال إلى تصحيحه.

• الأحكام والفوائد

الحديث: استدل به من أوجب الكفارة على من وطئ امرأته في الحيض، وهو منسوب إلى ابن عباس والحسن البصري وقتادة والأوزاعي، ورواية عن أحمد ورواية عن الشافعي في القديم وقال به إسحاق بن راهويه. لكنهم اختلفوا في قدر الكفارة فبعضهم قال: عتق رقبة وهو قول الحسن وسعيد، والباقون قالوا: إما دينار أو نصف دينار، وبعضهم جعل ذلك على الشك في مقدارها، وبعضهم رد ذلك إلى الفرق بين أول الدم وآخره، أو إلى حالة الدم في الكثرة والقلة واحتجوا بهذا الحديث، وأجابوا عن الاختلاف في رفعه ووقفه بأن الذين رفعوه أجلّ وأكثر، وقال جماعة آخرون: من فعل ذلك فقد ارتكب ذنبًا إما كبيرة كما قال الشافعي، أو دون ذلك فيلزمه التوبة والإستغفار ولا كفارة عليه، وهو قول جمهور العلماء منهم الزهري ومكحول وعطاء والشعبي والنخعي وابن أبي مليكة وأبي الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني ومالك وأبي حنيفة، والأصح عن الشافعي ورواية عن أحمد وهو قول الثوري والليث بن سعد وجمهور السلف، وأجابوا عن الحديث بما تقدّم والأصل براءة الذمة. والحاصل أنه ليس في المسألة إلا هذا الحديث، فمن رآه صحيحًا تقوم به الحجة عنده عمل به، ومن أعله بالإضطراب أو رأى أن الخلاف مانع من الخروج عن البراءة الأصلية، وأكد ذلك بعدم الإتفاق على الواجب فيه؛ لم يقل بمقتضاه.

تنبيه:

واختلفوا أيضًا هل يجوز وطء المرأة إذا انقطع حيضها ورأت علامة الطهر قبل أن تغتسل؟ ، فذهب مالك وأهل المدينة وجمهور العلماء إلى أنه لا يجوز وطؤها حتى تغتسل، وهذا قول عامة أهل العلم ماعدا أبا حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>