وفي المسألة غير حديث ابن عمر: حديث جابر أخرجه الحاكم والدارقطني من طريق عثمان بن محمد الأنماطي عن عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين. قال الحاكم والذهبي: إسناده صحيح، ولا يلتفت إلى قول من يمنع صحته، وقال العيني: أخرجه البيهقي والحاكم من طريق إسحاق الحربي -قال ابن حجر -رَحمه الله- ومن طريق أبي نعيم- عن عزرة بسنده المذكور قال:"جاء رجل فقال: أصابتني جنابة وإني أجنبت فتمعكتُ بالتراب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: اضرب، فضرب بيده الأرض فمسح وجهه، ثم قال: اضرب، فضرب يديه فمسح بهما إلى المرفقين". قال ابن حجر: ضعّف ابن الجوزي هذا الحديث بعثمان بن محمد وقال: إنه متكلم فيه، وأخطأ في ذلك، قال ابن دقيق العيد: لم يتكلم فيه، نعم روايته شاذة لأن أبا نعيم رواه عن عزرة موقوفًا، أخرجه الدارقطني والحاكم. قال الدارقطني في حاشية السنن عقب حديث عثمان بن محمد: كلهم ثقات، والصواب موقوف.
قلت: وهذا الحديث أمثل ما روي في الزيادة في الضربة ومسح الذراعين. وفي المسألة أيضًا حديث الأسلع بن شريك خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه:"كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه جبريل بآية الصعيد فأراني التيمم، فضربت بيدي الأرض واحدة فمسحت بهما وجهي، ثم ضربت بهما أخرى فمسحت بهما يدي إلى المرفقين". رواه الدارقطني والطبراني، وفيه الربيع بن بدر هو ضعيف. وحديث عائشة عند البزار وابن عدي مرفوعًا:"التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين"، تفرد به الحريش بن الخريت عن ابن أبي مليكة عنها. قال ابن أبي حاتم: منكر، والحريش شيخ لا يحتج بحديثه. وفيه حديث عمار:"تكفيك ضربة للوجه وضربة للكفين"، رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وأُعل بإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى: ضعيف. قال ابن حجر: لكنه حجة عند الشافعي.
قلت: فتبين بهذا أن الأحاديث الواردة في الزيادة على الضربة الأولى ومسح الذراعين؛ لم يسلم منها شيء من المقال، وأنسبها حديث جابر وحديث عمار، وإن كان ابن عبد البر قال: إن أكثر الروايات عن عمار ضربة واحدة، وما روي عنه من ضربتين فروايات كلها مضطربة. ومع ذلك فالآثار الصحيحة عن ابن عمر وغيره؛ تدل على أن للزيادة أصلًا كما تقدمت الإشارة إليه، ولولا