لغيره، والصحيح أنه لا يفيد؛ لكثرة ورودها في الأحاديث الصحيحة في حكاية فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجه، ولم تكن منه في الإِسلام إلا حجة واحدة، فدلّ ذلك على صحة التعبير بها في حصول الفعل ولو مرة واحدة. وقوله:(إذا قام) تقدّم الكلام على "إذا"، وقام: من القيام ضد النوم، بمعنى انتبه، وقد تقدّم في شرح الآية والحديث الأول الكلام عليه والقيام يكون بمعنى السعي، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة:"القاعد فيها خير من القائم" على أحد الوجهين، ويكون بمعنى الانتصاب ضد الجلوس، ويكون بمعنى الإمساك عن المشي فهو ضد المَشْي، ويكون بمعنى الانتباه من النوم وهو المراد هنا. وقام الليل ورمضان: إذا صلّى فيه ولو جالسًا، لأن العادة أن المصليّ يقوم. وقوله:"من الليل" أي: في الليل، أي من نومه الكائن في الليل، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقوله:(يشوص) الشوص: هو الدلك والتنقية والغسل والتنظيف، وشاص فاه بالسواك وماصه يشوصه شوصًا كلها بمعنى أي دلكه، وفي اللسان: قال أبو زيد: شاص الرجل سواكه إذا مضغه واسْتَنَّ به، وقيل: الشوص الدلك، واللوص الغسل، وقيل: إمرار السواك على الأسنان عرضا، وقيل: أن يفتح فاه ويمرّه على أسنانه من أسفل إلى علو، وقيل: أن يطعن به فيها، وقيل: دلك أسنانه وشدقيه وإنقاؤه فمه.
وفي الحديث:"من سبق العاطس بالحمد أمن الشوص واللوص والعلوص"، فالشوص: وجع البطن من ريح تنعقد تحت الأضلاع. وقوله:(فاه) مفعول به ليشوص، وعلامة النصب فيه الألف لأنه من الأسماء المعربة بالحروف، وأصله فوه ولذا يجمع على أفواه وتصغيره فويه، فلامُه وهي الهاء محذوفة، فصارت واوه التي هي عينه في الأصل مَدّةٌ تتبع حركة الفاء، وإنما يحسن ذلك فيه إذا أضيف. ولما كانت الواو والياء والألف التي تتعاور عليه بحسب الإعراب تسقط مع التنوين، جعلوا الميم عمادًا للفاء عند الإضافة. وذكره العجاج في الرجز بدون الميم غير مضاف فقال:
خالط من سلمى خياشيمًا وفا
أي: وفما. وفي النسب يقال: فمي وفموي، وفيها الجمع بين العوض وهو الميم والمعوّض عنه وهو الواو، وفي التثنية: فموان، لأن فيه حرفًا