للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (فكأني أنظر) تصوير للحالة التي شاهدها وبقيت صورتها في ذهنه. (إلى سواكه) أي سواك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو العود الذي يستاك به كما تقدم. وقوله: (تحت شفته) جملة حالية أي قد وضعت تحت شفته، والشفة: واحدة الشفتين، اسم محذوف اللام، ولامها هاء فأصلها شفه لتصغيرها على شفيهة، والجمع شفاه قال ابن منظور في اللسان: وقد زعم قوم أنَّ الناقص من الشفة واو، لأنه يقال في الجمع شفوات. قال ابن بري -رحمه الله-: (المعروف في جمع شفة شفاه مكسر غير مُسْلَم يعني أنه المسموع فيه والمعروف جمع التكسير على شفاه، وليس يعرف له جمع السلامة، هذا معنى كلام ابن بري -رحمه الله تعالى- وقال: ولامه هاء عند جميع البصريين، ثم قال: قال اللّيث: إذا ثَلّثوا الشفة قالوا: شفهات وشفوات، والهاء أقيس، والواو أعم، لأنهم شبهوها بالسنوات). اهـ والشفة للإنسان وقد تقال للفرس، وهذه حكاية الحال التي رأى عليها أبو موسى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفائدة ذكرها توكيد الخبر للسامعين، لأنها تدل على أنه متصورٌ للخبر ومستحضر له. وقوله: (قلصت) أي انشمرت الشفة التي تحتها السواك، قلصت الشفة تقلص: إذا انشمرت: فهي قالصة مرتفعة، قال عنترة:

ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم

والمقلص من الخيل: المنضم البطن الطويل القوائم، قال كعب بن مالك - رضي الله عنه -:

ونعد للأعداء كل مقلص ... ورد ومحجول القوائم أبلق

وقلصت القميص: أي شمرته ورفعته، وقميص قالص: مرتفع، قال الشاعر:

سراج الدجى حلت بسهل وأعطيت ... نعيمًا وتقليصًا بدرع المناطق

وقلص الدمع: جف، ومنه قول عائشة -رضي الله عنها- في حديث الإفك: "قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة"، ويشدد للمبالغة، وقلص الظل: إذا ارتفع وذهب، ومنه قول الشاعر:

يومًا ترى حرباءه مخاوصا ... يطلب في الجندل ظلًّا قالصًا

وجملة (قلصت) حالية بتقدير "قدد" أي: قد قلصت. وقال - صلى الله عليه وسلم - مخاطبًا لهما ولأبي موسى معهما: (إنا) بصيغة الجمع: إما للتعظيم، أو لأنه حكم له ولأمته. (لا أو لن) شك من الراوي في أيهما قال، وهما حرفا نفي، لكن "لن"

<<  <  ج: ص:  >  >>