للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كما ثبت في الصحيح، وفي رواية: إن العين نائمة والقلب يقظان، غير أنه جاء التصريح في بعض الروايات كما تقدم -بكون الملك أيقظه قبل أن يركب البراق، ولا يعارض ذلك ما قدمنا من حال نومه، وسيأتي تمام الكلام على ذلك في فوائد الحديث إن شاء الله تعالى. وقوله: (إذ أقبل أحد الثلاثة) إذ هنا تكون للمفاجأة، فإنها إذا وقعت بعد بينا أو بينما تكون للمفاجاة، كقول الشاعر- وهو بعض بني عذرة:

استقدر الله خيرًا وارضين به ... فبينما العسر إذا دارت مياسير

وبينما المرء في الأحياء مغتبطا ... إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير

يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ... وذو قرابته في الحي مسرور

وهي في هذه الحالة عندهم محتملة لأن تكون ظرف زمان، أو ظرف مكان، أو حرف مفاجأة أو حرف توكيد، أو حرفًا زائدًا، خمس احتمالات. ولإذ غير هذا المعنى ثلاثة معان أخر: أن تكون اسمًا للزمان الماضي، والجمهور على أنها حينئذٍ لا تكون إلا ظرفًا أو مضافًا إليه نحو (إذ أخرجه الذين كفروا)، وقيل: إنها تكون مفعولًا به نحو قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} وجزم ابن هشام بأنها في أول القصص مفعولًا به، وغلط من أعربها ظرفًا في تلك الحالة بتقدير (اذكر)، لأن هذا الذكر المأمور به لا يختص بحالة أو وقت دون غيره، وذلك نحو قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ} وقوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} وما أشبه ذلك، الثاني: أن تكون اسمًا للزمان المستقبل نحو {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} وأنكره الجمهور وحملوها في مثل ذلك على أنها من باب تنزيل المخبر بوقوعه في المستقبل، منزلة الواقع بالفعل لتحقق الوقوع نحو قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}. والثالث: التعليل، نحو قوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)} {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ} ومنه قول الفرزدق:

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

فهذا معظم ما يتعلق بها، وتقدم في شرح هذا الحديث أن جواب بينا وبينما يقترن بإذا وبإذ، وأن من زعم أن إذ لا تقترن إلا بجواب بينما لم يصب في ذلك. وقوله: (أقبل أحد الثلاثة بين الرجلين). أقبل: من الإقبال ضد

<<  <  ج: ص:  >  >>