الإدبار وهو عبارة عن التقدم إلى الشيء، وتقدم الكلام على لفظ (أحد) في أول الكتاب في شرح الآية، وفي الحديث الأول، والمعنى أن أحد النفر الثلاثة وهم الملائكة الذين أتوه في صورة البشر، وأل في الثلاثة للعهد الحضوري ولم يتقدم ذكر لهم في هذه الرواية، ولعله - صلى الله عليه وسلم - كان قد ذكرهم للصحابة قبل التحديث بالقصة أو أثناءها واختصر ذلك بعض الرواة، وعلى فرض أنه ذكرهم وأل تكون للعهد الذكري، وعن مسلم (أحد الثلاثة بين الرجلين) وفيه: فسمعت قائلًا يقول: أحد الثلاثة. . . إلخ. وفيه: من رواية أبي ذر: فرج سقف بيتي وأنا بمكة، وكذا من رواية أبي ذر عند البخاري: فنزل جبريل، فيحتمل أنه المراد بقوله بين الرجلين جواب الملك لأحد الملائكة، لما ورد عند أحمد: فجعل يقول لصاحبه الأوسط بين الثلاثة، وفي رواية له أيضًا: فسمعت قائلًا يقول: أحد الثلاثة، وفي رواية مسلم المشار إليها من طريق سعيد عن قتادة:"إذ سمعت قائلًا يقول: أحد الثلاثة بين الرجلين"، فهي توضح المراد بهذه العبارة وأن أل في الرجلين للعهد الحضوري، والرجلان هما حمزة وجعفر كما ذكره ابن حجر وغيره، وفي رواية أبي ذر عنده وعند البخاري وغيرهما:"فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل"، فبيّنت هذه الرواية أن الذي أقبل إليه من الملائكة هو جبريل، كما جاء في بعض الروايات التصريح بأن معه: ميكائيل، وأنه الذي ناوله الطست، ولم يرد تعيين الثالث من الملائكة فيما وقفت عليه. قلت: وسياق هذه الرواية صريح في أن المراد هنا بأحد الثلاثة واحد من الملائكة، وأما قوله: بين الرجلين؛ فينبغي أن يقدر قبله محذوف، كما قدمنا في الروايات الصحيحة التي ذكرناها أن الملك هو القائل: أحد الثلاثة بين الرجلين، وأن جواب لمن قال له: أيهم هو؟ كما في الرواية الأخرى، فيكون أحد الثلاثة المذكور في قوله: أقبل أحد الثلاثة؛ غير المقدر، وهو جواب الملك بقوله: أحد الثلاثة بين الرجلين والله أعلم. وتعيين جعفر هنا إن صح يدل على أن الإسراء كان في أول البعثة؛ وهو خلاف ما عليه الجمهور لأن جعفرًا خرج إلى الحبشة في الهجرة الأولى، وأكثرهم على أنها سنة خمس بعد البعثة، ولم يرجع إلى سنة سبع عند فتح خيبر ولا خلاف أنها كانت سنة سبع من الهجرة والله أعلم، ولم