أر من نبه على ذلك، وتقدم الكلام على (بين) أول شرح الحديث. وقوله:(فأُتِيتُ) بالبناء للمجهول أي: أتاني الملك، وقد تقدم أن الذي جاء بالطست أنه ميكائيل، وقوله:(من ذهب)(من) هنا بيانية، والطست بكسر الطاء وتفتح، ويقال: طسٌّ؛ بالإدغام، وتقدم الكلام عليه في شرح حديث عائشة في الطهارة ٣٣، وقوله:(ملآن) صفة لطست، وفي رواية:"ملأى" وفي أخرى: "مملوء"، أي ذلك الطست المذكور مملوء بالإيمان والحكمة، ونصب حكمة وإيمانًا على التمييز، وذكر بعضهم أن نصبهما على المفعولية وليس عندي بجيد، وظاهر كلام السيوطي في حاشيته (زهر الربى) أن الرواية (ملأى) لأنه شرحها على ذلك، وتبعه الشيخ السندي في حاشيته أيضًا على أنها بألف التأنيث المقصورة، وهذه الروايات الثلاث التي قدمنا ذكرها لا تأثير لاختلافها من جهة المعنى. والطست تذكّر على معنى الإناء وتؤنث، والحكمة والإيمان من المعاني التي لا تتجسم فلهذا قال بعضهم: إن في هذا الطست شيء تحصل به الحكمة والإيمان. قلت: والواجب أن نعتقد أنه مملوء حكمة وإيمانًا كما أخبر - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لا يلزمنا أن نتعقل وجه ذلك، وستأتي زيادة الكلام عليه في فوائد الحديث آخر شرحه عند الكلام على الفائدة الخامسة منه. قوله:(فشقّ من النحر) الضمير يعود إلى جبريل وهو المذكور في قوله: (أقبل. . .) إلخ كما تقدم، و (من) هنا لابتداء الشق وهو الفتح، والنحر هو منتهى أعلى الصدر عند الإنسان عند منحدر الطعام، و (إلى) تقدم الكلام عليها في شرح الآية، وهي هنا لبيان الغاية، وقوله:(مراق) المراق آخر البطن مما يلي العانة، وهي بفتح الميم وتشديد القاف، لأن جلد الإنسان يكون فيها رقيقًا أكثر من غيره، قيل: جمع لا واحد له من لفظه، وقيل: واحده مرق، وقوله:(فغسل القلب)، أي غسل الملك قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفاء في هذه الجمل كلها عاطفة، وأل في قوله:(القلب) إما للعهد الحضوري أو هي عوض عن الإضافة لأن الأصل: قلبي، وقوله:(بماء زمزم)، الباء للمصاحبة، وزمزم: البئر المعروفة عند الكعبة وهي سقاية إسماعيل، قيل: سميت زمزم لأن هاجر لما نبع الماء جعلت تقول: يا ماء زم زم، ولعل غسله بها لفضلها على غيرها من المياه. وقوله:(ثم ملئ حكمة وإيمانًا) تقدم الكلام على ثم، وهي هنا لترتيب الفعل، وقوله: (ملئ