هنا تأنيث الأدنى أي التي تلي الناس، ولم يذكر هنا مرورهم ببيت المقدس، وهو ثابت في الروايات الأخر كما سنبينه إن شاء الله. وقوله:(فقيل: من هذا) فيه حذف كما في الروايات الأخر وهو قوله: (فاستفتح جبريل) والقائل هو الملك أو الملائكة الموكلون بأبواب السماء، و (من هذا؟ ) أي: من المستفتح؟ وقوله:(قال: جبريل) أي: مجيبًا للسائل: جبريل، التقدير: المستفتح جبريل أو هذا جبريل، فحذف المبتدأ للعلم به على حد قول ابن مالك:
وحذف ما يعلم جائز كما ... تقول زيد بعد من عندكما
وقوله:(وقيل: من معك) دليل على أنهم قد عرفوا أنه معه أحد، ولعلهم كانوا أُخبروا بأنه سيأتيهم معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويشهد له ما في بعض الروايات من قول الملك: أُمرت أن لا أفتح لأحد قبلك. وقوله:(محمَّد) أي معي محمَّد، وقوله:(وقد أرسل إليه) الأصل: أوَ قد أرسل إليه؟ فحذفت همزة الإستفهام، والحديث حجة على من أنكر جواز حذفها، ومثله قوله تعالى:{هَذَا رَبِّي} أي أهذا ربي؟ وقوله:{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} أي: أوَ تلك؟ ومن شواهده قول ابن أبي ربيعة:
فوالله ما أدري وإن كنت داريا ... بسبع رمين الجمر أم بثمان
أي: أبسبع؟ وقول الآخر:
رفوني ثم قالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هُم هُم
أي: أهمْ همُ؟ والإستفهام يحتمل أن يكون عن أصل رسالته، وأن يكون المراء الإرسال إليه للعروج إلى السماء، فعلى الأول: يكون دليلًا على أن بوابي السماء لم يكونوا علموا ببعثته، وعلى الثاني: يكونون عالمين بأصل البعثة وكأنهم منتظرون للإرسال إليه للصعود إلى السماء. وقد تعقب الشهاب في شرح الشفاء تجويز ابن حجر وغيره لعدم علم الملائكة بالرسالة إليه بمعنى البعثة. والظاهر أن كلامه أولى بالتعقب في ذلك، لعدم وجود التصريح بكون البوابين على السماء علموا بعثته، فغاية ما في الأمر تجويز علمهم بذلك. وقوله:(مرحبًا به) أي جاء مكانًا رحبًا أي واسعًا، به أي بوجوده فيه. وقوله:(نعم المجيء جاء) نِعْمَ: فعل مبني للمدح، والمجيء اسمها، وقوله:(جاء) أي الذي جاء. قال ابن مالك في شواهده: من هذا الكلام شاهد على