للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإستغناء بالصلة عن الموصول أو الصفة عن الموصوف في باب نعم، لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجيء، وإلى مخصوص بمعناها وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم وفاعلها، وهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء، والتقدير: ولنعم المجيء الذي جاء، أو: لنعم المجيء مجيء جاء، وكونه موصولًا أجوز لأنه مخبر عنه، وكون المخبر عنه معرفة أولى من كونه نكرة. وقوله: (فأتيت على آدم) أي: فمررت عليه في السماء الدنيا، كما في الرواية الأخرى: فإذا فيها آدم. وقوله: (فسلمت عليه) تقدم أن الفاء عاطفة، (قال) أي آدم، (مرحبًا بك) ولم يذكر أنه ردَّ السلام، ولعل ذلك من الإختصار في الحديث فلقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن آدم ردَّ عليه السلام، كما في صحيح البخاري من رواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، فدل ذلك على أن حذفها هاهنا اختصار في الرواية. وقوله: (مرحبا) هذه كلمة تستعمل للقادم على المكان، وتفسيرها عندهم: جئت مكانًا رحبًا أي واسعًا بك أو أصاب رحبًا وسعة، وكنى بذلك عن الإنشراح وسعة الصدر بالقادم. وقوله: (من ابن) يحتمل أنها بيانية ويحتمل أنها زائدة والأول أظهر، قوله: (ثم أتينا السماء الثانية) وفيه (فمثل ذلك) أي: قيل لنا مثل ذلك القول السابق، وهو مصرح به في أكثر الروايات، فذكر يحيى وعيسى في السماء الثانية ويوسف في الثالثة، وفي رواية ثابت عند مسلم: فإذا هو قد أعطي شطر الحسن، وعند الطبراني وابن عائذ من رواية أبي هريرة: (فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله، قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب)، ومثلها من حديث أبي سعيد عند البيهقي، وهو محمول على أنه أحسن الناس ما عدا النبي - صلى الله عليه وسلم -، بدليل ما روى الترمذي من حديث أنس: ما بعث الله نبيًا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا. ثم ذكر إدريس في الرابعة وذكر أنه قال له: مرحبًا بك من أخ ونبي، فاستدل بذلك من قال: إن إدريس ليس أبًا لنوح كما ذكره بعض المؤرخين، لأنه لو كان أبًا لنوح لكان أبًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقال له ما قال آدم: مرحبًا بك من ابن، ولذا قال بعضهم: إن إدريس هذا ليس بالذي قيل فيه إنه أب لنوح، بل هو إلياس النبي، روي ذلك عن ابن مسعود كما ذكره الشهاب الخفاجي، وهو يحتاج إلى دليل مع بُعْدِه، وعلّل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>