للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعليهما القصاصُ، وكذَا لو رجَعَ أحدُهما وقال: تعمَّدنَا، يلزمُه القصاصُ أيضًا، وإنِ اقتصَرَ على قولِهِ تعمَّدتُ فلا قصاصَ عليه.

وإن قالَ كلُّ واحدٍ منهُما تعمَّدتُ، ولا أعلمُ حالَ صاحبِي، أو قالَ: كلُّ واحدٍ منهُما تعمدتُ مقتصرًا عليه، فإنَّهُ يلزمهُما القصاصُ، ولا (١) بدَّ فِي إلزامِهمَا القصاصَ فِي صورةِ مَن يخفى عليهما أن يقولَا: وعلمنا أنَّهُ يقتلُ بشهادتِنَا، فلو لم يقولَا ذلكْ وكانَا ممن يجوز خفاؤُه عليهما لقربِ عهدِهمَا بالإسلامِ ونحوِه، فالذي قالَهُ الأصحابُ أنَّه شبهُ عمدٍ، لا يوجبُ قصاصًا.

ولو قالَ الشهودُ: لم نعلمْ أنَّه يُقتلُ بشهادتنا لظهورِ أمورٍ فينا تقضي بردِّ شهادتِنا فيمَا شهدْنَا به، ولكن الحاكمَ قصَّر. قالَ شيخُنَا: فيكونُ هذا شبهُ عمدٍ، ولم أرَ مَنْ تعرَّضَ لهُ، فإن اعترَفَ الوليُّ بأنَّه كانَ عالمًا بكذبِ الشاهدينِ عندَ قتلِه فلا قصاصَ عليهما، ويلزمُ وليَّ المقتول حينئذٍ القصاصُ.

وإذا لم يعرفِ الوليُّ ولكنْ رجعَ القاضِي والشهودُ وقالَ القاضِي: كنتُ عالمًا بكذبِ الشُّهودِ حينَ حُكمِي بشهادتِهم بالقتلِ، أو حينَ القتلِ، فلا قصاصَ على الشهودِ، ويكونُ القصاصُ على القاضِي؛ لأنَّهُ هو الذي قتَلَ ولا أثرَ لشهادةِ الشُّهودِ كما فِي الوليِّ (٢).

* قاعدةٌ: قالَ الشَّيخُ أبو حامدٍ: لا يجبُ القصاصُ بغيرِ مباشرةٍ إلَّا فِي صُورتينِ: المكرهُ، وإذَا شهدَا عليهِ بمَا يقتضي القتلَ، فقتلَ ثمَّ رجعَا، وقالَا تعمَّدنا. انتهى.

وقد تقدَّمَ ما فِي ذلكَ، ويُزادُ عليهِ الضيافةِ بالمسمومِ، وإذا ضيفَ بمسمومٍ


(١) "ولا": مكرر في الأصل.
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>