للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشافعيُّ في "الأم" (١) في ترجمة دية اللحيين: (وَإِنْ قُلِعَ أَحَدُهُمَا وَثَبَتَ الآخَرُ فَفِي الْمَقْلُوعِ نِصْفُ الدِّيَةِ).

ولم ينظرِ الشافعيُّ إلى المضغِ كم انظرَ إلى الكلامِ، وأيضًا فإنَّ المضغَ منفعةٌ مشتركةٌ بين اللحيينِ، وبينَ ما فوقَهُما من الأسنانِ النابتة في عظمِ الرأسِ ومنابتها من اللحيةِ تحتَ الشفةِ العليا، فلا تُفرد بإيجابِ ديةٍ، وقد نصَّ الشافعيُّ على أن شللَ اللحيين موجبٌ للديةِ، وأنهُ لا شيء في الأسنان، فإذا لم يوجبِ الشافعيُّ الديةَ في الأسنان مع أنها أجرامٌ مركبةٌ في اللحيينِ تفردُ بالدية، فلأن لا يوجبُ الديةَ في المضغِ وهو منفعةٌ قائمةٌ فما ذكرنا أولى.

وتجب في إبطال قوَّةِ الإمناء بكسرِ صلبٍ الحكومةُ لا الديةُ (٢)، لأنَّ الإمناءَ هو الإنزالُ، فإذا أبطلَ قوةَ الإنزال ولم يذهبْ نفسُ المنيِّ فهذا لا يوجبُ الديةَ، وإنما يوجبُ الحكومةَ، فإنه قد يمتنعُ الإنزالُ بما يسدُّ طريقهُ، فيشبه ارتتاقَ الأذنِ حيث لا يسمع، ولكنَّ السمعَ باقٍ، وقد تقدَّم أنَّ الأصحَّ أنَّهُ لا يجبُ فيه الديةُ، وهذا أولى بالتصحيح، بل قد يُقطعُ فيه بعدمِ وجوبِ الديةِ.

وتجب في ذهاب الجماعِ بكسر الصُّلبِ ديةٌ إنْ كانتْ لذلك علامةٌ يعرفُ بوصفِها، فإن لم يكن معلومًا عندَ أهلِ الخبرةِ فله حكومةٌ لا ديةَ، كما نص عليه الشافعيُّ -رضي اللَّه عنه-، ولا تجبُ بإذهابِ قوَّةِ الحبلِ وحدها ديةٌ خلافًا لما في "المنهاج" تبعًا لأصله.


(١) كتاب الأم (٦/ ١٣٤).
(٢) روضة الطالبين (٩/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>