للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو سفينتانِ فكدابَّتين، والملاحان كراكبينِ بالغينِ حَصَلَ الاصطدامُ بفعلِهما أو بتقصيرِهما، ونزيدُ هنا إجراءَ حكمِ العمدِ على فعلهما المُفْضِي إلى الهلاكِ غالبًا.

ثمَّ إنْ كان فيهما مالٌ لأجنبيٍّ لزمَ كلًّا نصفَ ضمانِهِ.

وإن كانتا لأجنبيٍّ لزم كلًّا نصفَ قيمتها، وإن حصلَ بغلبةِ الريحِ بلا تقصيرٍ، فالكلُّ هدرٌ، ولو أشرفتْ سفينة على غرقٍ جازَ طرحُ متاعها بإذن المالكِ الرشيدِ المطلقِ التصرُّف فيما يلقيه، حيث حصل بعضُ هولٍ، لكنه قد تغلبُ السلامةُ منه (١).

فلو كانت الأمتعةُ لصبيٍّ أو مجنونٍ أو محجورٍ عليه بسفهٍ لم يَجُزْ إلقاؤها في محل الجوازِ، لكن لو كان الوليُّ في هذا المحلِّ على كلِّ أمتعةِ محجورِهِ ورأى أنَّ إلقاءَ بعضِها يسلم به باقيها فيجوزُ لهُ ذلك قياسًا على ما ذكره العبادي فيما لو خافَ الوصيُّ أن يستوليَ غاصبٌ على المالِ فله أن يؤدِّيَ شيئًا لخلاصِه، وقد يغلبُه الهلاكُ ويغلبُ على الظنِّ حصولُ نجاةِ الراكبِ بطرحِ ما ذكر فيجبُ الطرحُ رجاءَ نجاةِ راكبٍ محترمٍ.

فلو كان حربيًّا أو مرتدًّا أو زانيًا محصنًا أو من تَحتم قتلُه في قطع الطريق فإنه لا يجوز إلقاءُ المالِ المحترمِ لنجاة الراكبِ غيرَ المحترمِ، ولا يلقي ما لا روحَ فيه لأجل الكلبِ العقورِ والخنزيرِ.

وإذا وجبَ الإلقاءُ بالقيد المتقدم فيجبُ إلقاءُ ما لا روحَ فيه لتخليصِ ذي الروحِ المحترمِ، ولا يجوز إلقاءُ الدوابِ إذا أمكن دفعَ الغرقِ بغير الحيوانِ.


(١) "روضة الطالبين" (٩/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>