للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا مسَّتِ الحاجةُ إلى إلقاءِ الدوابِّ ألقيتْ لإبقاءِ الآدميينَ المحترمينَ، والعبيدُ كالأحرارِ، ويضمنُ المُلقى من وليٍّ وأجنبيٍّ في محلِّ الوجوبِ، ولو كانتِ الأمتعةُ مرهونةً أو كان صاحبها محجورًا عليه بفلسٍ أو لمكاتب ولم يأذن السيدُ فإنه لا يجوزُ إلقاؤها في محل الجواز، ويجب في محل الوجوبِ (١).

ويضمنُ الملقى من راهنٍ أو مرتهن، فإن اجتمعَ الراهنُ والمرتهنُ أو السيدُ والمكاتبُ على الإلقاءِ في حالةِ الجوازِ لم يمتنع الإلقاءِ، ومثلُه مالُ العبدِ المأذونِ إذا ركبتْهُ الدُّيونُ لا يجوزُ إلقاؤُهُ في حالةِ الجوازِ إلَّا إنِ اجتمعَ السيدُ والعبدُ والغرماءُ على ذلكَ، ولَوْ قَالَ: ألقِ متاعكَ، هذا -أو كانَ المتاعُ معلومًا عند القائلِ- وأنا ضامنُه أو ضامن له، فألقاهُ ضمنَ ما سمَّاه لهُ من دراهمَ أو غلَّةٍ، فإنْ لم يذكرْ لهُ شيئًا ضمنَ القيمةَ مطلقًا على الأرجحِ من نقدِ البلدِ باعتبارِ حالة القولِ لأجل الهيجانِ خلافًا للبغويِّ وتعذرَ ردُّ المثلِ لأنَّه لا مثلَ لمشرفٍ على الهلاكِ إلَّا مشرف على الهلاكِ، وذلك بعيدٌ، فتعيَّنتِ القيمةُ (٢).

وإنِ اقتصرَ على قولهِ: "ألقِ متاعكَ في البحر"، ولم يقل: "وعليَّ ضمانُه"، فألقاه. فقيلَ في وجوبِ الضمانِ خلافٌ، كقولِه: "أدِّ دَيْنِي". وقطعَ الجمهورُ بأنَّه لا ضمانَ، وإنَّما يضمنُ ملتمس مخوفِ غرقٍ، ولم يختص منع الإلقاء بالملقي صاحب المتاعِ.


(١) "روضة الطالبين" (٩/ ٣٣٨).
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>