ولا حدَّ على صبيٍّ ومجنونٍ وذميٍّ يشربُ خمرَ ولا غيرُه مما ذكرَ، ولا علَى مَن غُصَّ بلقمةٍ وتغيبت أساغها بما ذكر، بل تجبُ الإساغةُ لحفظِ الرُّوحِ، ويحرمُ التَّداوِي بِهَا وشربِها للعطشِ والجوع على ما صحَّحوهُ، ويحدُّ، والأرجحُ أنَّه إنْ كَانَ يدفعُ جوعًا ومعهُ فيها سائغٌ فلا يجوزُ ويحدُّ. أو عطشًا كذلكَ جازَ بلا حدٍّ كالإساغَةِ، ولا مَن أوجر سكرها، وكذا مَن أكرِهَ حتَّى شربَهُ على الأصحِّ.
ولا حدَّ على مَن جهِلَ أنَّهَا خمرٌ، أو جهلَ التحريمِ لقرْبِ عهدِهِ بالإسلامِ، فإن علِمَ التحريمَ وجهلَ الحدَّ حُدَّ.
ويحدُّ الحنفيُّ بشربِ النبيذِ الذي يعتقدُ إباحتَهُ ولا يفسَّقُ، ويحدُّ بشربِ الدردي والتخبُّز منهُ إذا أكلَهُ بخبزٍ، أو ثردَ فيهِ وأكلَ الثريدَ، أو طبخَ بهِ وأكلَ المَرَقَ لا باللحمِ المطبوخِ بِهِ، ولا بأكلٍ خبزٍ معجونٍ بِه على الأصحِّ، ولا بما استهلَكَ فيه الخمرَ، ولا يحدُّ بحقنَةٍ ولا سعوط، كما جزمَ بهِ ابنُ الصباغِ، وحكى غيرُهُ فيه وجهين وصححَ المتأخرونَ أنَّهُ لا يحدُّ. قال شيخُنا: والأرجحُ عندِي أنَّهُ يحدُّ إذا كانَ يحصلُ منهُ سكرُ بوجهٍ ما، كما في الشربِ، وكذلك لو جعلَ يسكر بوصولِهِ إلى جائفةٍ ومأمومةٍ، ولم يذكروه.
وما يزيل العقلَ من غيرِ الأشربةِ المذكورَةِ يحرمُ تناوُلُه، ولا حدَّ فيهِ، وكذلكَ الحشيشةُ التي يحصُلُ منهَا التخدُّرُ.
والحدُّ في هذا البابِ حتمًا على مَن تكملتْ فيهِ الحريَّةُ أربعون، وعلى مَن فيهِ رقٌّ عشرونَ بالسوطِ أو الأيدِي أو النعال أو أطرافِ الثِّيابِ. وفي وجهٍ أنَّه يتعيَّنُ ما عدا السوطِ من الأيدِي والنِّعال وأطرافِ الثِّيابِ، وفي وجهِ آخر أنَّه يتعينُ السوطُ، وهو أضعفُ منَ الأوَّل.