ولو رأَى الإمامُ بلوغَه للحرِّ ثمانينَ جازَ علَى المنصوصِ، ولا يزيدُ على الثمانينَ بلا خلافٍ، والزيادةُ على الأربعينَ إلى الثمانينَ بغيرِ السوطِ تعزيراتٍ، وأمَّا الأربعونَ بالسوطِ فليستْ حدًّا، وأنَّه إذا ماتَ منها ضمنهُ الإمامُ علَى مقتضَى نصِّ الشافعيِّ -رضي اللَّه عنه-: ولفظه: (وإذا ضربَهُ -يعني السلطانُ- في خمرٍ أو سكرٍ من شرابٍ بنعلينِ أو طرفِ ثوبٍ أو يدٍ ما أشبههُ ضربًا يحيطُ العلمُ أنَّهُ لا يبلغُ أربعينَ أو يبلغُها ولا يجاوزها فماتَ من ذلكَ فالحقُّ قتله، وما قلت: الحق قتله، فلا عقلَ فيهِ ولا قودَ ولا كفَّارَةَ على الإمامِ، ولا علَى الذي يلي ذلكَ من المضروبِ.
ولو ضربَهُ بما وصفتُ أربعينَ أو نحوَهُ لم يؤد عليِه شيئًا فكذلكَ، ثم قال: فإنْ ضرَبَهُ أربعينَ أو أقلَّ منهَا بسوطٍ، أو ضربَهُ أكثرَ من أربعينَ بالنِّعالِ أو غيرِ ذلكَ فماتَ فديتُهُ على عاقلةِ الإمامِ، وفي وجهٍ أنَّها حدٌّ، وصاحبُ هذا الوجهِ وهو أبو إسحاق المروزي يقول: إنَّه لا يتحتَّمُ، وإنَّه يتعلَّقُ بالاجتهادِ وما كانَ كذلكَ كانَ مضمونًا على الإمامِ إذا حصلَ التلفُ به اتِّفاقًا.
ويكفي في إقرارِ الشَّاربِ أَنْ يقولَ: شربتُ خمرًا، أو يقولُ: شربَ رجلٌ خمرًا، وهو أنَا. وأمَّا الشاهدُ فيقولُ: أشهدُ أنَّ هذا، أو: أنَّ فلانَ ابقَ فلانٍ -وينسبه بما يعرفُ به- شربَ الخمرِ المحرَّمةِ عليهِ من غيرِ أن يسيغَ بهَا ما غصَّ بهِ. ويقولُ في شربِ الشاربِ النبيذَ: أشهدُ أنَّهُ شربَ النبيذَ الذي يسكرُ كثيرُهُ. ولا يشترطُ أَنْ يقولَ:"وهو عالمٌ أنَّه مختار" على المنصوصِ، وفي وجهٍ يشترطُ.
ولا يحدُّ في حالِ سكرِهِ، فلو حدَّ في تلكَ الحالةِ أجزأ على أصحِّ الوجهينِ، ويكونُ السوطُ المجلود بِهِ بينَ الرطبِ واليابس، ويفرِّقُهُ على الأعضاءِ إلَّا