لهذا الأمرِ ونحوِهِ، وهو الذِي يُطلقُ عليهِ نقيب القاضي.
فإذا ادَّعى المُدَّعِي وقال للقاضي:"سَلْهُ جوابَ دعوايَ". طالبَ القاضِي خصمَهُ بالجوابِ، فإنْ أقرَّ بالمدعَى، فللمدعي أَنْ يطلبَ من القاضي الحُكمَ عليه، وحينئذٍ يحكمُ بأنْ يقولَ:"اخرجْ من حقِّه" أو "ألزمتُك" وما أشبههما، وإن أنكَرَ فالأولى للمدَّعِي ألكَ بينة إن تردَّد في أن المدعي عالمٌ بالحكم، أو لم يعلم، وإن علمَ أن المدعِي عالمٌ بالحكمِ فالأولَى أن يسكتَ، وإن علمَ أنَّه جاهلٌ بأنَّ هذا موضِعُ البينةِ وجبَ الإعلامُ بما يُزيلُ جهلَهُ.
وإن كانَ ذلكَ الشيءٌ مما يثبتُ بالشَّاهدِ واليمينِ، والقاضِي يعلمُ جهلَ المُدَّعِي بالاكتفاءِ بذلكَ، فيجبُ عليه أن يقولُ:"ألكَ بينةٌ أو شاهدٌ مع يمينك" وإن تردد استُحِبَّ أن يعلمَهُ بذلكَ، وإن كانَ اليمينُ في جانبِ المدَّعِي كما في الدَّعوى بالقتلِ في محلِّ اللوثِ الثابتِ، فإنَّ القاضِي عند إنكارِ المدَّعَى عليه القتلَ خاصّة وهو معترفٌ بأنَّه كانَ مع القومِ الذينَ تفرَّقُوا عنهُ يقول: للمدَّعِي الحلف خمسين يمينًا أنَّ هذا قتلَ مورِّثَكَ على حسبِ ما وقعتِ الدَّعوى به.
ومن هذه المادَّةِ ما إذا ادَّعى على زوجتِهِ أنَّها زَنَتْ، فأنكرتِ الزِّنا، فيقولُ لَهُ القاضِي:"أتلاعِنُها؟ " ولا يقولُ: "ألكَ بينةٌ؟ ".
وإنِ ادَّعى القاذِفُ أنَّ المقذوفَ زنَا، فأنكَرَ المقذوفُ فيندَبُ للقاضي أن يبينَ لَهُ الحالَ من أوَّلِ الأمرِ تغليظًا عليهِ، فيقولُ لَهُ:"ألَكَ أربعةٌ من الشُّهودِ يشهدُونَ بالمعاينةِ؟ " لعلَّه أن يرجعَ عمَّا ادعاهُ. ولو قالَ له:"ألكَ شاهدَان يشهدانِ على إقرارِهِ بالزِّنا؟ " جازَ. وإذا قالَ المدَّعِي:"لي بينةٌ، وأريدُ تحليفَهُ" فله ذلك إذا كانَ يدَّعي لنفسه وهو حرٌّ رشيدٌ مطلقُ التَّصرُّفِ، أو "لا بينةَ" لي قبلتْ في الأصحِّ إذا كانَ قائلُ ذلكَ ممن يؤاخذُ بإقرارِهِ، وأن لا يذكر