تأويلًا لقوله:"لا بينة لي" فإن كانَ محجورًا عليه بالسَّفهِ ثم أحضرَ بينته قُبلتْ قطعًا، وإن ذكرَ الذي يؤاخذُ بإقرارِهِ تأويلًا لقوله بأن قالَ:"كنتُ ناسيًا أو جاهلًا بها" فتقبل بينته قطعًا.
وأمَّا الوليُّ أو الوكيلُ إذا قالَا ذلكَ، ثم أحضرَا البينةَ، فإنَّها تقبلُ قطعًا؛ لأنهما وإن كانَا يؤاخذانِ بإقرارِهما إلَّا أنَّ إقرارَهما لا يؤثِّرُ في حقِّ الأصلِ.
وإذا ازدحمِ خصومٌ قُدِّمَ الأسبقُ وجوبًا، وهو المدعي وخصمه، فإن كانَ السابقُ كافرًا فلا يقدِّمُهُ قاضي المسلمينَ على المسلمين. قالَ شيخُنا: وهذا لا يُوقف فيه، ولم أرَ من تعرَّضَ له.
ومحلُّ الوجوبِ إذا تعيَّنَ على القاضي فَصْلُ الخصوماتِ، فإن لم يتعيَّن عليه ذلك قدَّم مَن شاء.
وإذا لم يكنْ لَهُ رزقٌ من بيتِ المالِ، وقال للخصمينِ:"لا أقضِي بينكما حتَّى تجعلَا لي رزقًا"، فجعلَا لَهُ رزقًا، جازَ.
وقضيةُ هذا أنَّ لَهُ تقديمَ مَن جعَلَ لَهُ الرزقَ، وإنْ كانَ مسبوقًا، فإنْ جهلَ أو جاءوا معًا أقرَعَ حيثُ لم يكثرُوا، فإن كثرُوا بحيثُ تتعذَّرُ القرعةُ، فإنَّه يُثبتُ اسمَ كلِّ واحدٍ منهم في رقعةٍ مفردَةٍ ويطويهَا بينَ يديهِ، ثم يُخرجُ رقعةً رقعةً ويرتِّبُهُم على ما تخرجُ بهِ رقاعُهم، ولو غطَّاهَا كانَ أولَى.
ويجوزُ تقديمُ مسافرينَ مستوفزِينَ ونسوةٍ، ون تأخروا، وكذلكَ يقدَّمُ المريضُ المسبوقُ الذي يستضرُّ بالصبر إن كانَ مطلوبًا، ولا يقدِّمُهُ إذا كانَ طالبًا.
ولا يُقدَّمُ سابقٌ وقارعٌ إلَّا بدعوى واحدةٍ، وأمَّا المقدَّم بالسفرِ فإن كانت دعاويه قليلةً أو خفيفةً بحيثُ لا يضرُّ بالباقينَ إضرارًا بيِّنًا قُدم بجميعها، وإلَّا فيقدَّمُ بواحدةٍ.