ويحرمُ اتخاذُ شهودٍ مُعَيَّنين لا يُقبل غيرهم، وإذا شهدَ شهودٌ فعرفَ ما يقتضي قبولَ شهادتِهم أو ما يردُّ شهادتهم عمل به، وإلَّا وجب الاستزكا، والواجبُ أن يطلبَ بيان عدالة الشاهدِ عندهُ، لترتُّبِ الحكمِ على شهادَتِهِ بالطريقِ المعتبر عندهُ، وسواء طلب إنسان بكتابة ما يتميزُ به الشاهد أو بغيرها، وكذَا ماَ شهدَ بِهِ على النصِّ، ويبعثُ به إلى (١) المزكِّي، ثم المزكِّي يُشافِهُ القاضي بما عنده، ولا يُقبلُ تعديلُ المعدِّل إلا من اثنين، ولا المسألةُ عنه إلَّا من اثنينِ، وشرطُ المزكِّي كشاهدٍ، مع معرفة الجرح والتعديلِ، وخبرة باطن مَن يعدِّله لصحبةٍ أو جوارٍ أو معاملةٍ، وأن لا يكون من أهلِ الأهواءِ، والعصبيةِ، والمماطلةِ للنَّاسِ، يعني اللجاج، ولا يشترطُ في أصحابِ المسائلِ الخبرةُ الباطنةُ، والأصحُّ اشتراطُ لفظِ الشهادَةِ، ولا يقبلُ التعديلُ إلَّا بأنْ يقولُ المعدِّلُ:"هو عدلٌ عليَّ وليٌّ". على المنصوصِ.
ويجبُ ذكرُ سببِ الجرحِ إذا لم يقتضِ الحالُ إيجابَ حدَّ القذفِ، فإنِ اقتضى الحال ذلك لنقصانِ النِّصابِ فإنَّهُ لاَ يجبُ على الشاهدِ ذكرُ السببِ.
وقد ذكَرَ الماورديُّ أنَّ أصحابَ المسائلِ إذا لم تكملْ شهادتُهم لا يصيرونَ بِها قذفة، وأنَّ الجيرانَ إذا لم تكملْ شهادتُهم يصيرونَ بها قذفة؛ لأنَّ أصحابَ المسائلِ ندبُوا للإخبارِ بما سَمِعوا، ولم يندبِ الجيرانُ إليهِ، وهو حسنٌ.
ويعتمدُ فيه المعاينة، أو الاستفاضَةُ في غيرِ أصحابِ المسائلِ، فأمَّا أصحابُ المسائلِ فإنَّهم لا يعتمدونَ المعاينةَ ولا الاستفاضَة، وإنما يعتمدُون ما يقولُهُ لهم المسئولُون المذكورون والمسئولونَ هم الذينَ يعتمدونَ المعاينةَ أو الاستفاضَةِ.
وقد يسمعُ أصحابُ المسائِلِ الجرحَ من جَمْعٍ يبعدُ اتفاقُهُم على الكذبِ،
(١) من هنا إلى آخر المخطوط تغير خط الناسخ، ويبدو أنَّ النسخةَ أكملها ناسخٌ آخر.