أحدها: أنه يعفى عنه لأنه لا يدركه الطرف فعفى عنه كغبار السرجين. والثاني: لا يعفى عنه لأنه نجاسة لا يشق الاحتراز منها فلم يعف عنها كالذي يدركه الطرف. والثالث: أنه على قولين: (أحدهما) يعفى عنه و (الثاني) لا يعفى عنه، ووجه القولين ما ذكرناه. وأما الدماء فينظر فيها: فإن كان دم القمل والبراغيث وما أشبههما فإنه يعفى عن قليله؛ لأنه يشق الاحتراز منه، فلو لم يعف عنه شق وضاق وقد قال اللَّه تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]. وفي كثيره وجهان: قال أبو سعيد الإصطخري: لا يعفى عنه لأنه نادر لا يشق غسله، وقال غيره: يعفى عنه، وهو الأصح، لأن هذا الجنس يشق الاحتراز في الغالب فألحق نادره بغالبه. وإن كان دم غيرهما من الحيوان ففيه ثلاثة أقوال: قال في "الأم": يعفى عن قليله وهو القدر الذي يتعافاه الناس في العادة لأن الإنسان لا يخلو من بثرة وحكة يخرج منها هذا القدر فعفى عنه. وقال في "الإملاء" لا يعفى عن قليله ولا عن كثيره لأنه نجاسة لا يشق الاحتراز منها فلم يعف عنها كالبول. وقال في "القديم": يعفى عما دون الكف ولا يعفى عن الكف، والأول أصح. "المهذب" (١/ ١١٦ - ١١٧) للشيرازي. (١) في (ل): "كذا في"!