[٣ - علم الأصول في القرنين الثالث والرابع الهجريين ومن ورد ذكره في التحصيل من أصولي هذين القرنين]
لقد بينا أن أول كتاب برز إلى الوجود في علم أصول الفقه هو الرسالة، للإِمام محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله -. وكانت الرسالة شاملة لمعظم أبواب وفصول هذا الفن، ولكنها لم تكن مستوعبة لجميع مسائل هذا الفن.
ثم أخذ هذا الفن ينمو في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وذلك بالإِكثار من الأدلة على إثبات القواعد، وبحث المسائل التي لم تتعرض لها رسالة الشافعي، ولكن كما يظهر من أسماء هذه المصنفات أنها كانت في مواضيع من علم أصول الفقه وليست شاملةً لجميع أبحاث هذا الفن بالصورة التي عليها الكتب المتكاملة التي وجدت في القرنين الخامس والسادس، وكتب الشافعية كانت أشمل من غيرها لأنها كانت شارحةً للرسالة، والرسالة كما علمنا تحتوي على جزء كبير من مواضيع أصول الفقه. وتعرضت هذه الكتب الشارحة للرسالة إلى بسط ما قرره الشافعي والرد على اعتراضات المخالفين
له من كتب غير الشافعية. ومعظم المصنفات في هذين القرنين لا نعرف منها إلا اسمها أو نقولاتٍ في كتبٍ أخرى منسوبة لها، لأنها ضاعت مع ما ضاع من التراث الإِسلامي في غزوا لتتار لبلاد الإِسلام، فمثلاً ذكر صاحب كشف الظنون عدة شروح للرسالة في هذين القرنين نذكر منها:
١ - شرح محمد بن عبد الله الصيرفي المتوفى سنة ٣٣٠ هـ، قال عنه أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء: أنه أعلم خلق الله بالأصول بعد الشافعي.
٢ - شرحها أبو الوليد حسان بن محمد النيسابوري الأموي، المتوفى سنة ٣٤٩ هـ.
٣ - شرحها محمد بن علي الشاشي القفال الكبير، المتوفى سنة ٣٦٥ هـ.
٤ - شرحها محمد بن عبد الله الشيباني أبو بكر الجوزقي، المتوفى سنة ٣٨٨ هـ.
٥ - شرحها عبد الله بن يوسف أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين، المتوفى سنة ٤٣٨ هـ.