للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهم في تعين العلة طرق:

أ- التقسيم المنتشر ويستدلون على نفي قسم آخر بعدم الوجدان بعد الطلب الشديد، كالمبصر إذا نظر بالنهار في جميع جوانب الدار فلم يبصر شيئاً، فإنه يجزم بعدمه وهو ضعيف إذ ربَّ موجودٍ لم يجده.

والقياس على المبصر لو كان له جامع إثبات القياس بالقياس.

ب - الدوران: أما الخارجي فلا يفيد العلم وأما الذهني كقولنا: متى عرفنا كون الخطاب أمراً بالمحال عرفنا قبحه، ومتى لم يعرف كونه أمراً بالمحال لم يعرف قبحه .. وذلك يفيد الجزم بالعلية فضعيف لأنهم مطالبون بالبرهان على المقدمتين، ولم نر المتكلمين فعلوه.

ثم إنه منقوض بأنا متى عرفنا كون هذا أباً لذلك عرفنا كون ذلك إبناً لهذا وبالعكس ومتى لا فلا. مع أن أحدهما ليس علةً للآخر لأن المضافين معاً. وأيضاً لا نسلم أنا متى لم نعرف كونه أمراً بالمحال لم نعرف قبحه فلعل له صفة أخرى لو عرفناها لعرفنا قبحه.

واعلم أن هذا (١) الكلام مأخوذ من الفلاسفة، فإنهم يقولون العلم بالعلة علة للعلم بالمعلول، ولا يلزم العلم بالمعلول إلَّا من العلم بعلته وقد بُيِّنَ ضعفهما في الكتب العقلية.

" المسألة الثانية"

يجوز القياس في اللغات وهو قول ابن سريج، ونقل (٢) ابن جني في كتابه الخصائص (٣) أنه قول أكثر علماء العربية كالمازني (٤) وأبي علي


(١) وهو دلالة الدوران الذهني على علية المراد.
(٢) في جميع النسخ ما عدا "د" (وعن ابن جني) وما في "د" موافق للمحصول ٢/ ٢/ ٤٥٧.
(٣) كتاب في أصول اللغة في ثلاثة مجلدات، صنفه أبو الفتح عثمان بن جني المتوفى سنة ٣٩٢ هـ، طبع منه الجزء الأول في دار الهلال سنة ١٣٣١،. ثم أعيد طبعه كاملاً بتحقيق محمد علي النجار الأستاذ بكلية اللغة العربية في الأزهر بمطبعة دار الهدى للطباعة والنشر ببيروت.
(٤) المازني هو أبو عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني البصري، أول من أفرد علم الصرف عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>