وأما إن كانا مقدورين للمكلف فهذه الحالة هي محل النزاع، لأن الواجب فيها مطلق بمعنى غير مقيد بحصول السبب. ومثال ذلك قول الشارع أقيموا الصلاة هل يجب الوضوء بقطع النظر عن وجوبه بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية أم لا؟ وهذا فيه أربعةُ مذاهب هي: ١ - إنها تجب بوجوب الواجبً المطلق سواء أكانت سببًا شرعيًا كالصيغةِ للعتق أو شرطًا شرعياً كالطَّهارة للصلاة. أو كانت سببًا عقليًا كالنظر لحصول العلم، أو شرطًا عقليًّا كترك ضد الواجب. وهذا المذهب هو الَّذي اختاره الإمام وتابعه القاضي الأرموي عليه. ٢ - إنها لا تجب بوجوب الواجب مطلقًا؛ لأن اللفظ الدال على وجوب الواجب ساكت عنه، والجواب أنَّه يدل عليها بدلالة الالتزام. ٣ - إنها تجب إن كانت سببًا مطلقًا، ولا تجب إن كانت شرطًا، وحجتهم شدة ارتباط السبب بالمسبب، وجوابه: لا معنى للتفريق بين الشرط والسبب؛ لأن الواجب يتوقف وجوده على كل من السبب والشرط وهذا كافٍ في تحقق دلالة الالتزام. ٤ - التفريق بين الشرط الشرعي وغيره من العقلي والعادي. وهذا التفريق غير وجيه؛ لأن السبب العقلي والعادي أيضًا مقصودٌ للمكلف. انظر المعتمد لأبي الحسين ١/ ٢٠٢، والمستصفى ١/ ٧١، ونهاية السول ١/ ٦٧، وحاشية التفتزاني على العضد ١/ ٢٤٤.