للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على جواز التأخير في المشترك. أنه (١) وإن كان مجملًا من حيث إفادته لمعنى من المعنيين، لكنه ظاهر من حيث إفادته لأحدهما، وهذا القدر يصلح أن يراد تعريفه. إذ قد يقول الرجل لغيره: لي إليك حاجة مهمة أوصيك بها. وقد يقول: رأيت رجلًا في موضع (٢) كذا. وغرضه الِإعلام بهذه الجملة لكراهته وقوف غيره عليه. ثم يبين بعد ذلك.

وقد يقول الملك لغيره: وليتك البلد الفلاني. فاخرج إليه وأنا أكتب إليك تفاصيل ما تعمل. ويقول أحدنا لغلامه: إني آمرك أن تبع غلامًا أبينه لك غدًا، لهذا وضعت في اللغة ألفاظ مبهمة، وتأخير بيان المجمل مثله (٣).

فإن قلتَ: الغرض من الأمر الفعل. والِإبهام يخل بالغرض من التمكن وأما الاعتقاد فتابع قلت: الغرض هو الفعل وقت الحاجة والعلم قبله.

احتجوا: بأنه لو جاز ذلك لجاز خطاب العربي بالزنجي ولا يفرق بأن العربي لا يفهم من الزنجي شيئًا، لأنه إن اعتبر في حسن الخطاب الوقوف على كمال المراد حصل المطلوب وإن كُفي الوقوف عليه من بعض الوجوه فالعربي يعلم أن المراد إما الأمر أو النهي أو غيرهما.

والجواب المعتبر: إفادة الخطاب فهم ما وضع له في الجملة مع التمكن من معرفة ما هو المراد منه، وهذا غير حاصل في النقض (٤).

" المسألة الثانية"

يجوز للنبي عليه السلام تأخير ما يوحِى إليه إلى وقت الحاجة، إذ تقديم الإِعلام في الشاهد قد يكون قبيحًا. وقد يكون تركه قبيحًا وقد يستويان. وكذلك قد يعلم الله تعالى اختلاف مصلحة المكلف في التقديم والتأخير، فلا يجب التقديم مطلقًا.


(١) سقط من "أ" أنه.
(٢) سقط من "هـ" موضع.
(٣) في "ب، جـ" وهذا يشبه ما اخترناه من تأخير بيان المجمل قبله.
(٤) في "أ" البعض بدل النقض والمراد خطاب العربي بالزنجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>