للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الوقت عن الفعل، ولا يجب عليك إيقاعه في جميعها، ولك اختيار أي جزء شئتَ منها فإنه لا يحتاج إلى بدلٍ وإيجاب العزم من غير دليلٍ يدل عليه تكليفُ ما لا يطاق. ولأنه لو وجب العزم لوجب مَرةً واحدةً. إذ البدل إنما يجب على جهة وجوب الأصل فلا يكون الفعل في الجزء الأول والثاني

من الوقت واجبًا ولا بدلَ له فيكون مندوبًا.

لأنا نقول: الواجب الموسع في التحقيق يرجع إلى الواجب المخيِّر، كما سبق من تمثيله، يقول السيد لعبده: فوصفِ الفعل في كل واحدٍ من أجزاء الوقت بالوجوب، كوصف كلٍّ واحدٍ من الواجب المخيِّر بالوجوب، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى العزم. واختار أكثر الأصحاب وأكثر المعتزلة في الجواب الفرق المذكور (١) وقد عرفت ضعفه.

فرع: الواجب الموسع في جميع العمر إنما يجوز تأخيره إذا غلب على ظنه بقاؤه بعد ذلك (٢) ولم يجوِّز أبو حنيفة تأخير الحج لأن البقاء إلى سنةٍ لا يغلب على الظن. ويرى الشافعي (٣) ذلك غالبًا على الظن في حق الشاب الصحيح دون الشيخ المريض.

" المسألة الثالثة"

الأمر إذا تناول جماعةً فإن كان على سبيل الجمع فقد يكون فعل البعض شرطًا في فعل البعض كصلاة الجمعة. وقد لا يكون. وإن كان على سبيل البدل فهو فرضُ الكفاية. وذلك إذا كان الغرض يحصل بفعل البعض كالجهاد. ومناطُ التكليف فيه غلبةُ الظنِ فمن غلب على ظنه أن غيرَه لا يقوم به تعيَّن عليه. ومن غلب على ظنه أنَّ غيرَه يقوم به سقط عنه. وإن كان حصوله في حق الكل يفضي إلى أن لا يقوم به أحدٌ لأن الممكن تحصيل الظن بعدم قيام الغير به.


(١) وهو أن المندوب يجوز تركه من غير بدل، والواجب الموسع يجوز تركه ببدلٍ وهو العزم.
(٢) يوجد زيادة تفسيرية في "هـ" وهو (بموجب ظنه).
(٣) الحج عند الشافعي واجب على التراخي، وبه قال محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة (انظر المجموع ٧/ ١٠٣، والهداية ١/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>