للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" المسألة الخامسة"

ما يجوز تركه لا يجب فعله لتنافيهما. وقال الكعبي (١): المباح واجب لأنه ترك المحرم وهو واجب.

وجوابه: إنه فردٌ من أفراد ما يترك به المحرم لا هو هو. وقال كثير من الفقهاء: يجب الصوم على المريض والمسافر والحائض، وما يؤتى (٢) به بعد العذر قضاءٌ لما وجب.

وقيل: يجب على المريض والحائض دون المسافر. وعندنا لا يجب على المريض والحائض ويجب على المسافر صوم أحد الشهرين على البدل.

احتجوا بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٣) وبأنه يسمى قضاءٌ وينوى قضاءً وهو يحكي وجوبًا سابقًا. ولأن القضاء يساوي الأداء فكان بدلًا عنه كغرامات المتلفات.

والجواب أنَّه استدلال في مقابلة الضرورة (٤)، لاستحالة الجمع بين جوازِ الترك ووجوبِ الفعل.


(١) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي من شيوخ المعتزلة، أخذ الاعتزال عن أبي الحسين الخياط، ومن آرائه الخاصة في الأصول: أن المباح مأمور به وله كتب في علم الكلام، توفي عام ٣١٩ هـ له ترجمة في وفيات الأعيان ١/ ٣١٦، البداية والنهاية ١١/ ٢٦٤، الخطط للمقريزي ٤/ ١٦٨.
(٢) وفي "أ" ما يؤمر به.
(٣) [البقرة: ١٨٥]. ووجه الاستدلال بها أنَّه أوجب الصوم على كل من شهد الشهر.
(٤) يعني بمقابلة الضرورة: أي ما يتوصل له العقل بالضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>