للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" النظر الرابع" (١) في المأمور وفيه مسائل

" المسألة الأولى"

يجوز أن يصير الشخص مأمورًا بعد وجوده بأمر وجد قبله خلافًا لسائر الفرق (٢).


(١) وفي (ب) الثالث. وفي (د) كان الثالث وحول للرابع. والصواب أنَّه الرابع وقد تقدم الثالث قبل حوالي أربع عشرة صفحة وهو في المأمور به، وبعد الرجوع للمحصوِل وجدت أن في بعض نسخه الثالث، كما تقدم قد نبهت أن ناسخ نسخة (ب) كان غالبًا يتابع المحصول ويختار لفظه إذا خالفه صاحب التحصيل.
(٢) خلاصة الكلام في هذه المسألة منشأ الخلاف فيها. هو هل يجوز الحكم على المعدوم أو لا؟ قال أهل السنّة: يجوز الحكم على المعدوم وذلك لأن الحكم عندهم هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير وخطابه كلامه النفسي القديم وهو صفة واحدة تتنوع باعتبار متعلقاتها، فإن تعلقت بطلب الفعل؛ كانت أمرًا وإن تعلقت بطلب الكف كانت نهيًا، ولو فرض أنها لم تتعلق بما سيحدث لزم أن تنعدم فلا تكون أمرًا ولا نهيًا ولا خبرًا، لكن كونها منعدمة في الأزل باطل. وذلك لأن الأدلة قامت على أن كلام الله النفسي قديم. ولهذا ذهبوا إلى أن المعدوم يجوز الحكم عليه. ولكن تعلق الحكم بالمعدوم ليس تنجيزي بل هو عقلي أي أن المكلف إذا وجد، كان مأمورًا بذلك الأمر النفسي فالأمر معلق على وجود المكلف.
ودليل صحة هذا الرأي أننا الآن مأمورون ومنهيون بأوامر ونواهي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكنا معدومين عند صدورها وهذا محل اتفاق بين جميع الطوائف، فلا مانع من جواز تعلق أوامر الله بنا في الأزل بجامع أن المكلف معدوم في كل. وقد اعترض على هذا الدليل: بأنه يوجد فرق بين المقيس وهي أوامر الله والمقيس عليه، وهي أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم -. بأن أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إخبار بأن من سيولد سيكون مأمورًا من الله تعالى، بكذا بخلاف أوامر الله تعالى فإنها أنشاءات لا أخبار. ويمكن أن يجاب بعدم الفرق.
واعترض ثانيًا: بأن أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا عبث ولا سفه فيها، من حيث أن من سمعها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>