للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماهية الإِيجاب بدون تصور المنع من الترك. نعم، قد لا يتصور أضداد الفعل الوجودية لكنه لا ينافيها بالذات بل بالعَرَض. فكان الأمر بالفعل نهيًا عن الترك بالذات وعن تلك الأضداد بالعرض.

سلمنا الغفلة عن الضد. لكن سلمتم كون الأمر بالشيء أمرًا بمقدماته وإن غفل عنها فكذا ههنا. سلمنا لكنا ندعي أن الأمر بالشيء نهي عن ضده المشعور به ما لم يكلف (١) بما لا يطاق.

ولقائل أن يقول (٢): لا نزاع في أن الدال على إيجاب الفعل دالٌ على المنع من الترك تضمنًا. بل النزاع في دلالته على المنع من أضداده الوجودية والدليل المذكور نُصبَ (٣) لا في محل النزاع مع إمكان نصبه فيه.

" المسألة الثالثة" (٤)

المختار وهو: قول القاضي أبي بكر أنَّه ليس من شرط الوجوب تحقق العقاب على الترك، خلافًا للغزالي.


(١) وفي "أ" ما لم يكن تكليف ما لا يطاق.
(٢) خلاصة هذا الاعتراض أن القاضي الأرموي رحمه الله يقول: إن الإمام نصب الدليل في غير محل النزاع، إذ محل النزاع في أن الأمر بالشيء يدل على امتناع الأضداد الوجوديَة. والإمام قد أقام الدليلَ على المنع من الترك وهو لا نزاعَ فيه. ولم يرتضِ بدر الدين التستري هذا الاعتراض بقوله: لو فرضنا أنَّ النزاع فيما قاله القاضي: فالإمام قد ذكره أيضًا، كما نقل أنَّه يدل عليه بالذات وعلى الأضداد بالعرض، ثم وجه النقد للقاضي في قوله: (دالٌ على المنع مع الترك تضمنًا). وقال الأولى ما قاله الإمام: أنَّه يدل التزامًا (انظر حل عقد التحصيل لوحة: ٤٥).
(٣) وفي "أ، جـ" نص.
(٤) نقل القاضي الأرموي تبعًا للإمام عن حجة الإسلام أنَّه يقول: لا بد من تحقق العقاب على ترك الواجب. وبعد الرجوع إلى المستصفى، وجدت أن حجة الإسلام - رحمه الله - قد زيَّف التعريف الَّذي يقول: بأن الواجب ما يعاقب على تركه لأنه قد يعفى عن العقوبة. وزيف تعاريف أخرى ثم ذكر تعريف القاضي الباقلاني رحمه الله وهو (ما يذم تاركه ويلام شرعًا بوجه ما) ولم يعترض عليه ثم نقل عن القاضي الباقلاني أنَّه قال: (لو أوجب الله علينا شيئًا ولم يتوعد بعقابٍ على تركه لوجب فالوجوب إنما هو بإيجابه لا بالعقاب) ثم قال الغزالي: وهذا فيه نظر، لأن ما استوى فعله وتركه في حقنا فلا معنى لوصفه بالوجوب، إذ لا تعقل وجوبًا إلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>