للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" المسألة الثانية"

" الفاء" للتعقيب حسب ما يمكن لإِجماع أهل اللغة عليه (١). ومنهم من استدل بأنه لو لم يفد التعقيب (٢) لما وجب دخوله على الجزاء إذا لم يكن ماضيًا أو مضارعًا لوجوب تعقيب الجزاء للشرط لكنه واجب. وقول الشاعر: "ومن يفعل الحسنات الله يشكرها" (٣) أنكره المبرد (٤). وزعم أن الرواية

الصحيحة "ومن يفعل الخير فالرحمن يشكره".

ولقائل أن يقول (٥): لم لا يجوز أن يجب دخول "الفاء" على المذكور عقيب الشرط ليجعله جزاء. ويكون التعقيب مقتضى الجزاء.

حجة المخالف (٦) أمور:

أ- قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} (٧).

وقوله تعالى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٨).


(١) سقط من"جـ، هـ" عليه.
(٢) وفي (ب، د) يكن بدل تفد.
(٣) صدر بيت عجزه (والشر بالشر عند الله مثلان) منسوب لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت وقيل
لكعب بن مالك وهو من شواهد سيبويه ١/ ٤٣٥، وأوضح المسالك ٣/ ١٩٣.
(٤) هو أبو العباس محمد بن عبد الله بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري شيخ أهل النحو والعربية، ولد بالبصرة عام ٢١٠ هـ، أخذ عن الكسائي. له من الكتب الكامل، ومعاني القرآن، والمقصور والممدود، والاشتقاق، ومات ببغداد عام ٢٨٥ هـ له ترجمة في وفيات الأعيان ٤/ ٣١٣ أخبار النحويين للسيرافي في ٢/ ٢ ومرآة الجنان ٢/ ٢١٠، مفتاح السعادة ١/ ١٥٧، معجم المؤلفين ١٢/ ١١٤.
(٥) توجيه اعتراض القاضي الأرموي على أن الفاء تفيد التعقيب. بأنه من الممكن أن يقال: إن "الفاء" تدخل لربط الداخلة عليه بالشرط لتجعله جزاءً والتعقيب يكون من مقتضيات الجزاء فيفهم التعقيب من نفس الجزاء لا من "الفاء" ويفهم أيضًا من تقدم الشرط على الجزاء في الوجود. ويؤيد هذا أنه لو استفيد التعقيب من "الفاء" لانتفى عند انتفائها ولكنه لا ينتفي عند انتفائها لأن المضارع والماضي غير المحقق إذا وقع جزاءً دلَّ على التعقيب مع امتناع دخول "الفاء" فيهما.
(٦) وفي "جـ، د" وللمخالف.
(٧) [طه: ٦١].
(٨) [البقرة: ٢٨٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>