للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" المسألة الثَّانية"

الأمر للوجوب عند أكثر الفقهاء والمتكلمين. وللندب عند أبي هاشم.

وللمشترك بينهما (١) عند قوم ويليق بمذهبهم حمله (٢) على الندب باستصحاب جواز الترك. وقيل: إنه حقيقة فيهما. وقيل: لا يدري أنَّه حقيقة فيهما أو في أحدهما وهو قول الغزالي (٣).

لنا وجوه:

أ- إنه تعالى ذمَّ على مخالفة الأمر بقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} (٤) إذ ليس مستفهمًا. وبقوله: {وَإِذَا (٥) قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} (٦).

لا يقال: الأمر قد يفيد الوجوب في لغةٍ أو لقرينة (٧) وأيضًا إنَّما ذمَّهم لا لترك الركوع بل لأنهم لم يعتقدوا حقيَّة الأمر بدليل قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (٨).

لأن ترتب الذم على مجرد مخالفة الأمر يفيد أنها هي المنشأ له، واستحقاق الويل بالتكذيب لا ينفي استحقاق الذم بترك الركوع، إذ الكافر عندنا يعاقب بترك العباداتِ كما يعاقب بترك الإِيمان.


(١) معناه أنَّه حقيقة في القدر المشترك. والقدر المشترك في ترجيح الفعل على الترك لكونه مطلوبًا. ولهذا قال القاضي الأرموي تبعًا للِإمام الرَّازيّ إنه يليق بمذهبهم حمله على الندب لأنه هو القدر المشترك بين الوجوب والندب. ومن قال إنه حقيقة فيهما يعني أنَّه مشترك لفظيَ بين الوجوب والندب وهذا القول نَسبه الرَّازيّ للمرتضى من الشيعة. وقول حجة الإِسلام هو التوقف بمعنى أنَّه لا يدري هل هو حقيقة فيهما كما - ذهب المرتضى- أو حقيقة في الوجوب أو حقيقة في الندب. انظر المستصفى ص ٢٩٥.
(٢) وفي "هـ" الحماية.
(٣) وفي "ب، د" زيادة عن النسخ الأخرى (ومشترك بينهما عند المرتضى).
(٤) [الأعراف: ١٢].
(٥) عند الإِمام الرَّازيّ هذه الآية دليل منفصل.
(٦) [المرسلات: ٤٨].
(٧) وفي "ب" بقرينة.
(٨) [المرسلات: ٤٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>