للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- الزام الأمر يقتضي لزوم المأمور به لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١).

والقضاء: الإلزام. والمراد الخِيَرة في المأمورِ به لاستحالةِ خيرة المكلف فيَ أمر الله والزام ما لا يقتضي لزوم شيءٍ لا يقتضي لزومه كالقضاء بإباحته.

ولقائلٍ أن يقول (٢): سبق الذهن إلى إيجاد معنى الأمريْن يوجب حملَ الأوَّل على الشيء وإن كان مجازًا فيه.

جـ - تارك ما أمرَ الله به مخالفٌ لأمره إذ مخالفة الأمر تقابل موافقته وهي الِإتيان بالمأمورِ به. ومخالف أمره يستحق العقاب لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣) وإنما يحسن الأمر بالحذر عن العذاب بعد قيام المقتضي له.

لا يقال: الاعتراض من وجوه:

أ- موافقة الأمر الإتيان بمقتضاه كما يقتضيه (٤) أو اعتقاد حقيته (٥).

ب- إنه أمرٌ بالحذر عن المخالف، لا أمرُ المخالفِ بالحذر.

هـ - إنَّ المأمور ليس مخالف الأمر. بل المخالف عن الأمر. ولا يجعل عن صلةٍ لأنها خلافُ الأصلِ.


(١) [الأحزاب: ٣٦].
(٢) خلاصة اعتراض القاضي الأرموي. إن الإمام دلل على أن الأمر للوجوب بقوله تعالى: {وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ووجه الاستدلال أن لزوم الأمر يدل على لزوم المأمور به. فاعترض القاضي حيث أنَّه قال: "لم لا يجوز أن يكون المرادُ من قوله أمرًا "شيئًا" والمتبادر للذهن أن تكون أمرًا الثانية بمعنى الأولى فيكون معنى الآية على هذا. "إذا قضى الله ورسوله شيئًا لا يكون لهم الخيرة في هذا الشيء". وبهذا لا يسلم الاستدلال للإمام لأن "أمرًا" في الآية حملت على معناها المجازي وهو شيء.
(٣) [النور: ٦٣] لم يرد موضع الشاهد في جميع النسخ فأكملت الآية.
(٤) أي إن كان واجبًا يؤتى به على وجه الوجوب.
(٥) وفي "أ" حقيقته. واعتقاد حقية الأمر معناه الاعتراف يكون ذلك الأمر حقًا واجب القبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>