وأما الشيعة الإِمامية فقد أكثر من النقل عنهم، وذلك لأنهم التزموا بالاعتزال وبذلك نكون قد ألممنا بعلاقة كتاب التحصيل بكل ما تقدم عليه من كتب علم الأصول ومدى وكيفية ارتباطه به، وسنذكر في المبحث التالي علاقة كتاب التحصيل بما بعده من الكتب.
الكتُبُ الّتي تأثّرَت بالتّحصِيل
تدل نسخ كتاب التحصيل على أن الأرموي انتهى من تأليفه قبل عام ٦٥٥ هـ قطعاً، حيث إن النسخة المرموز لها "هـ" والموجودة في مكتبة دماد زادا الملحقة بمكتبة مراد ملا بإستنبول قد فرغ من نسخها سنة ٦٥٥ هـ.
ويغلب على الظن أنه قد ألّفه قبل عام ٦٤٥ هـ، حيث انتهى ناسخ رسالته التي في أمثلة التعارض من نسخها سنة ٦٤٥ هـ، ويغلب على الظن أن التحصيل قد تم تأليفه قبلها. ونقطع بأن الكتاب قد ألّف في دمشق، وذلك أنه لم يسافر ليستقر في قونية إلا في أواخر عام ٦٥٥ هـ على ما في مقدمة
كتاب لطائف الحكمة، المطبوع بالفارسية حيث التحق في آخر ذلك العام بخدمة السلطان أبي الفتح عز الدين كيكاوس بن كيخسرو من سلاجقة آسيا الصغرى، حيث قدّم له كتابه المشهور (لطائف الحكمة) وكتبه باسمه.
ومعظم نسخ الكتاب كما يذكر ناسخوها نسخت في دمشق، وكانت الحركة العلمية آنذاك في عنفوان قوتها، والقدح المعلى فيها للأكراد، لأن الحكم كان في يد بني أيوب فكان في دمشق سلطان العلماء العز بن عبد السلام الكردي، وشيخ دار الحديث أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري
الكردي، وابن خلكان المؤرّخ المشهور الكردي وغيرهم.
وكان سراج الدين الأرموي على اتصال بهم، فابن خلكان وابن الصلاح زميلاه في الدراسة على كمال الدين بن يونس والعز بن عبد السلام رفيقة في السفر إلى مصر سنة ٦٤٧ هـ، حيث تشرّفا بلقاء آخر ملوك بني أيوب في مصر السلطان الملك المعظم غياث الدين توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب، المتوفى قتلاً على يد مماليك أبيه سنة ٦٤٨ هـ.