وبالجمع بين النقلين يظهر أن الإِمام الرازي اعتمد في تأليف كتابه المحصول على ثلاثة كتب هي (المعتمد والمستصفى والبرهان).
والقاضي أبو الثناء سراج الدين الأرموي في كتابه التحصيل التزم باختصار كتاب المحصول لفخر الدين محمد بن عمر الرازي، فلم يذكر فيه آراءً لعلماء لم ينقل عنهم الإِمام الرازي، وإنما كان ينبّه على أدلة لم يرتضها لعدم وجود اعتراضات عليها أو وجود غيرها أقوى منها، وقد يضيف دليلاً
ارتضاه، أو يدمج مسألة في مسألةٍ أُخرى، وسنذكر ذلك بالتفصيل مع الأمثلة في طريقته في الاختصار بعد المبحث التالي.
والإِمام الرازي صرف النظر عن آراء معاصريه من الأُصوليين، حيث إنه التزم بما ورد في الكتب التي اعتمد عليها، ولم نجد أثراً لأمثال الكيا الهراسي علي بن محمد المتوفى سنة ٥٥٤ هـ، زميل حجة الإِسلام في الدراسة، الذي له كتاب في أُصول الفقه أكثر من النقل عنه صاحب إرشاد الفحول محمد بن علي الشوكاني، ولم يذكر ابن برهان أحمد بن علي الشافعي المتوفى سنة ٥٢٠ هـ صاحب البسيط والوسيط والأوسط والوجيز في أُصول الفقه وعلّامة زمانه أبا المظفر السمعاني منصور بن محمد المتوفى سنة ٤٨٩ هـ، صاحب قواطع الأدلة والاصطلام والبرهان. والإِمام المازري محمد بن علي المتوفى سنة ٥٣٦ هـ شارح كتاب البرهان بالإِضافة إلى ما سبق ذكرهم من الأحناف والحنابلة، والحنابلة على وجه الخصوص لم يرد في التحصيل أي نقل عنهم، ولعلَّ السبب في ذلك هو تأخرهم في التأليف
في هذا الفن وأول مَن دوّن منهم في الأصول كما أعلم، هو القاضي أبو يعلى بن الفراء المتوفى سنة ٤٥٨ هـ.
وأما المعتزلة فقد كان لهم النصيب الأوفر وذلك لاعتماد الإِمام في المحصول في الدرجة الأولى على المعتمد لأبي الحسين البصري المعتزلي فذكر منهم: العلاَّف والجاحظ والنظَّام والكعبي وأبا علي وأبا هاشم الجبائيين وابن الراوندي وعبيد الله بن الحسن العنبري والقاضي عبد الجبار، وأبا الحسين الخياط وعمرو بن عبيد وغيرهم.