لحن فيها، وانقادت له الألفاظ والتراكيب، وانسابت على سنان قلمه انسياب الماء الرقراق في الجدول الصافي، لا تكدره رواسب العجمة، فكانت عبارته سليمة نحوياً ودلالةً ودقةً.
وأما ما تكرر في كتابه من قلب الهمزة ياءً وَحذف همزة الممدود أو الهمزة في آخر الكلمة، فهذا أمر شائعٌ في ذلك الزمان رأيته في بعض المخطوطات الأُخرى، وهذا يحمل على أن اللغة العربية تميل للتسهيل في اللفظ، وحتى اليوم يوجد في كثير من الأقطار مَن يقلب الهمزة ياء ويحذف الهمزة من آخر الكلمة في اللفظ، وأما من ناحية الكتابة فالأمر فيها محمول على التضييق، فينبغي الالتزام بقواعد الإِملاء، وجميع نسخ التحصيل متوافقة في هذا المسلك من الكتابة، مما يدل على أن هذا التصرف ليس من النسّاخ، ومما ورد على هذا النحو ما رأيته في الصفحة الأولى أن كتابة (أنبيائك وأنبائك وخلائقك والفوائد) قد وردت مكتوبة على النحو الآتي: (أنبيايك، أنبايك وخلايقك، والفوايد).
وأما حذف الهمزة في آخر الكلمة فقد ورد منه في الصفحة الأولى:(النجبا والكرما والارتقا). وقد أصلحت ما حدث في المخطوطة بدون الإِشارة إليه في كل موضع لكثرته.
" الخاتمة"
لقد خلَّف سلف هذه الأمة لخلفها تراثاً ضخماً. فمنذ عصور الدولة الإِسلامية الزاهرة حتى يومنا هذا والمكتبة الإسلامية تستقبل مواليد جدداً في عالم المعرفة، ولكن لا يزال القديم يتميز بغزارة المادة العلمية، وتفوح منه رائحة الإِخلاص والتجرّد في تصنيفه من الأغراض الدنيويَّة التي لا بدّ وأن تضفي على المصنَّف بركةً وقوةً في التأثير في النفوس، وتشعر النفوس بانجذابٍ إليها لصفائها، وسلامتها مما شابَ غيرها من الأغراض الدنيوية.
ولا يزال يعيش الخلف عالةً على ما سطّرته أقلام السلف من تراثٍ ضخمٍ فني منه الشيء الكثير في ما مرّ على الأُمة الإِسلامية من حروب