للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اللغة يطول الأمر بذكرهم، والذي يهمنا ذكر الأصوليين الذين استفاد منهم القاضي الأرموي - رحمه الله - تبعاً للإِمام الرازي في المحصول، ومعظم من ذكرناهم قد اندثرت كتبهم مع ما اندثر من الكتب ولكن آراءهم مدونةٌ في كتب من تبعهم التي لا تزال محفوظة في خزائن المكتبات، أو قدر لها الله أن ينفض عنها الغبار وتخرج لحيز الوجود وتطبع، وما علينا الآن إلا أن نتكلم عن عصر نضوج هذا العلم وهو القرن الخامس الهجري.

[٤ - علم الأصول في القرنين الخامس والسادس الهجريين وذكر من وردت آراؤهم في كتاب التحصيل من الأصوليين]

في القرن الخامس الهجري اكتمل بناء علم أصول الفقه، بعد أن أرسى قواعده محمد بن إدريس الشافعي، وأصبح بناءً شامخاً يضاهي سائر علوم الشريعة بعد أن كان متأخراً عنها في النضوج، ولا نستطيع أن نجزم على يد من اكتمل البناء، لأنه ما من كامل إلا ويوجد أكمل منه. قال ابن خلدون: (ثم جاء أبو زيد الدبوسي من أئمتهم (الحنفية) فكتب في القياس أوسع من جميعهم، وتمم الأبحاث والشروط التي يحتاج إليها فيه، وكملت صناعة أصول الفقه بكماله وتهذيب مسائله، وتمهدت قواعده. ثم قال: (وعنى الناس بطريقة المتكلمين فيه، فكان من أحسن ما كتب فيه المتكلمون كتاب البرهان لإمام الحرمين والمستصفى للغزالي). ومن كلام ابن خلدون يظهر أن اكتمال الأصول الذي كتب على طريقة الحنفية كان على يد أبي زيد الدبوسي المتوفى سنة ٤٣٠ هـ، والكتب التي ألفت على طريقة المتكلمين كملت على يد إمام الحرمين عبد الملك بن يوسف الجويني المتوفى سنة ٤٧٨ هـ.

ولا شك بأن هنالك كتباً قاربت الكمال وأصبحت من الأمهات التي يرجع إليها قبل البرهان لإِمام الحرمين، ومن ذلك المعتمد لأبي الحسن والعمد للقاضي عبد الجبار بن أحمد. ولا ننسى كتاب القريب للقاضي أبي بكر الباقلاني، ولكننا الآن لا نعرف ما فيه لأنه اندثر مع ما اندثر من تراثٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>