للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدين الرازي أن راوي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقض في شيءٍ واحدٍ بحكمين مختلفين". هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وبعد تقصّي كتب الحديث عند تخريجه، وجدت أن أبا بكر ليس من رواة هذا الحديث، بل راويه هو أبو بكرة. وقد تأكدت من أن التصحيف قد وقع في المحصول والتحصيل، وليس في كتب الحديث، لأنه في إحدى طرقه في معجم الطبراني الكبير عن عبد الرحمن بن حوشب قال كتب أبو بكرة إلى ابنه وهو عامل على سجستان: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقضيَنَّ أحد في أمر قضاءين". ولم تكن سجستان قد دخلت تحت ظل الدولة الإِسلامية في عهد الخليفة الراشد أبي بكر رضي الله عنه، ولم نعلم أحداً من أولاده وليّ سجستان.

ومن ذلك أيضاً ما ورد في جميع نسخ التحصيل (١) تبعاً للمحصول، أن القائل ليزيد بن المهلب بن أبي صفرة:

أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإرادة نادماً

هو الحباب بن المنذر. والحباب بن المنذر هو الصحابي الجليل صاحب المشورة في غزوة بدر بردم العيون، وهو لم يعش إلى إمارة يزيد بن المهلب.

وبعد طلب هذا البيت في بطون كتب الأدب والتواريخ مدة طويلة، وجدت في تاريخ بغداد وفي تاريخ الطبري أن قائله هو الحصين بن المنذر الرقاشي البصري، حامل راية بكر بن وائل في معركة صفين وكان في جيش علي رضي الله عنه. وكيف يمكن معرفة هذا التصحيف الذي تابع فيه القاضي سراج الدين الأرموي فخر الدين الرازي في المحصول لولا البحث عن مكان ورود البيت أثناء تحقيق النص. ونظير ذلك كثير محله هوامش القسم التحقيقي.


(١) انظر القسم التحقيقي من هذا الكتاب ص ١/ ٢٧٠، وتاريخ الطبري ٦/ ٣٩٦، وتاريخ بغداد
٦/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>