للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا وجوه:

أ- المقتضي لوجوبها قائم لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (١). والكفر ليس بمانع إذ يمكنه رفعه أولًا كرفع الحديث ولهذا قلنا: الدهري (٢) مكلف بتصديق الرسول عليه السلام.

ب - قوله تعالى: {يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (٣) الآية. عللوا ذلك بتركهم الصلاة وغيره. ولو كذبوا لكذَّبهم الله تعالى فيه. إذ لا يستقل العقل بمعرفة كذبهم فيه ليكون ذكره بدون تكذيبهم بيانًا لعنادهم كما في قوله تعالى: {قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (٤). وقوله تعالى: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} (٥) فلم يبق فيه فائدة زائدة يجب حمل كلامه تعالى عليها.

لا يقال: تكذيبهم بيوم الدين مذكور. وأنه مستقل باقتضاء دخول سقر، فلم يجز إحالته على غيره. ثم المراد من المصلين المسلمين كما في قوله عليه السلام: "نهيت عن قتل المصلين" (٦). لئلا يلزم الكذب إذ أهل الكتاب منهم في سقر مع أنهم كانوا يصلون ويؤمنون بالغيب.

سلمناه: لكن المراد قوم فعلوا هذه الأشياء ثم ارتدوا.


(١) [البقرة: ٢١].
(٢) الدهري نسبة إلى الدهر. وهم جماعة من الكفرة يقولون: بقدم العالم وقدم الدهر، وتدبيره للعالم وتأثيره فيه، وأنه ما أبلى الدهر من شيء إلَّا وأحدث شيئًا آخر. وقد حكى الله تعالى خبرهم في القرآن الكريم: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}. انظر الرد على الدهريين لجمال الدين الأفغاني، والحور العين ١٤٣، الملل والنحل للشهرستاني ٣/ ٧٩.
(٣) [المدثر: ٤٠ - ٤٢].
(٤) [الأنعام: ٢٣].
(٥) [النحل: ٢٨].
(٦) رواه البزار. بلفظ (نهيت عن ضرب المصلين). ورواه الطبراني والدارقطني بلفظ (نهيت عن المصلين). من حديث أنس بن مالك. رمز له السيوطي بالصحة وتعقبه الميناوي. أن الهيثمي قال فيه عامر بن سنان منكر الحديث لكن له شواهد. فيض القدير ٦/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>