ولا خروج للبشرية مما هي فيه إلَّا بالرجوع لدين الله الذي لا يقبل سواه قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(١). ولن يُصلح شأن هذه الأمة إلا ما صلح به أولها. وهي ليست في حاجة لاستيراد التعاليم، بل مأمورة بالتصدير إلى البشرية جمعاء.
وكل ما يجري في أرجاء المعمورة الآن هو برهان قاطع ودليل ساطع على أن المستقبل لهذا الدين.
وما يقذف به الإسلام وأنظمته من عدم صلاحيته للحكم لتغير الحياة واختلاف الزمان، سواء أكان هذا الهراء من أعداء الدين الظاهرين، أم ممن تسموا بأحمد ومحمد وعاشوا بين أظهرنا، فهو إما نابع عن حقدٍ خبيث أو جهل بالإسلام. فالإسلام قد سيَّر دفةَ الحكم ونظم الحياة للخلافة الإسلامية، لما كان امتدادها من الصينِ شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً ومن فينَّاَ شمالًا إلى أواسط إفريقيا جنوباً، فكيف يرمى الآن بالجمود ويتهم بالقصور؟. بل هو صالح لكل زمانٍ ومكان، ولكن يحتاج إلى علماء أفذاذ لا
تأخذهم في الحق لومة لائم، ينكبون عليه تنقيحاً وتنظيماً ودرساً واستنباطاً، فيكشفون لنا عن عظمة هذا الدين ومدى صلاحيته لأن يسود الأرض.
وما دام أن الهدف من وجودنا في هذه الحياة هو تحقيق العبوديَّة لله، وما دام أن الله جل شأنه لم يكلنا لأنفسنا في تحقيق ذلك، بل أرسل إلينا الرسل وأيدهم بالوحي، فلابد لنا من فهم هذا الوحي ومعرفة مراميه وأهدافه، وما فيه من التعاليم التي تصلح لنا المعاش والمعاد. فكتاب الله وسنّة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-هما النبعان الصافيان اللذان تكفلا بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة لمن تمسك بهما.
ولكن فهم ما فيهما بعد أن فسدت السليقة وأصاب اللسان العجمة لا يتسنى لكل فردٍ من الأمة. فاختص بالفهم الشامل والاستنباط جماعة توفرت فيهم شروط وظهرت فيهم مميزات، تؤهلهم لذلك، فأحاطوا بدقائق علمٍ خاص سموه علم أصول الفقه، ونص العلماء على أن حكم تعلمه فرض