للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقال: النص يجب على العالم اتباعه دون القياس, لأن القياس الجلي الظاهر يجب عليه اتباعه. لأجله حسنت المناظرة بين القائسين. ثم لا نسلم أنَّهم لو أظهروه لاشتهر، ونقل إذ ليس من الأمور العظيمة التي تتوفر الدواعي على نقلها. ثم إنه منقوض بالمعجزات والإقامة (١)، ثم لا نسلم أنا لم نعرفه فإن في مسألة الحرام مثلًا من جعله يمينًا تمسك بقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٢). نزلت لما حرَّم النَّبِيّ عليه السلام على نفسه (٣) مارية القبطية (٤). ومن جعله طلقة أو ثلاث طلقات جعله كناية عن الطلاق (٥)، ونزله على أعظم أحواله أو أقلها وأدرجه تحت آية الطلاق، ومن جعله ظهارًا جعله كناية عنه وأدرجه تحت آية الظهار. وجعل الشيء كناية ليس بقياس. ثم بين النص والقياس بواسطة وهي تنزيل اللفظ على أقل المفهومات أو الأكثر (٦)، واستصحاب الحال والمصالح المرسلة والاستقراء واعتقاد أن قوله حجة، استدلالًا بقوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} (٧) ثم بقوله عليه السلام: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" (٨). والإجماع وإن لم يتصور ثبوته في محل الخلاف فهو واسطة ثم الرأي مرادف للرؤية، وإنها ليست بقياس لغة والنقل


(١) في المحصول ٢/ ٢/ ٩٦ أمر الإقامة للأفراد.
(٢) [التحريم: ٢].
(٣) سقط من "ب" على نفسه.
(٤) هي مارية القبطية مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم ولده إبراهيم، وهي مارية بنت شمعون أهداها له المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية ومصر، وأهداه معها أختها سيرين وخَصيًا يقال له مأبور.
وطأها رسول الله بعد أن أسلمت بملك اليمين فولدت له إبراهيم. وأهدى أختها إلى حسان بن ثابت وهي أم عبد الرَّحْمَن بن حسان. توفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب في المحرم سنة ست عشرة.
(الاستيعاب ١٩١٢، الإصابة ٨/ ١٨٥).
(٥) سقط من "أ" عن الطلاق.
(٦) في "ب" مفهوماته أو أكثرها.
(٧) [آل عمران: ٩٣].
(٨) قال السيوطي في الدر: لا أصل له، وقال في المقاصد قال شيخنا يعني ابن حجر لا أصل له.
قبله الدميري والزركشي، وزاد بعضهم ولا يعرف في كتاب معتبر.
(كشف الخفا ٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>