وهذا يدل على أن هذه الصفحات الموجودة كان آخرها يبحث في باب الأوامر وهو في خمس الكتاب الأول، حيث إن باب الأوامر يلي الكلام على اللغات مباشرة، ومعنى ذلك أنَّه لو تم الكتاب على هذا النحو كان أضخم من كتاب التحصيل بكثير، وظاهر من كلام الناسخ أنَّه كتب كراريس من هذا
الكتاب ولم يستوعبه.
وكثير من المصنفين الذين نوهوا بهذه الأسئلة، يشيرون إلى أنها هي الأسئلة التي أوردها القاضي الأرموي في التحصيل.
ونحن بعد الاطلاع على هذه النسخة وبعد قراءة التحصيل مرات عديدة، وإحصاء كل ما أورده الأرموي على التحصيل، كأسئلة بدون أجوبة نجزم ونقطع أن هذا كتاب مغاير للأسئلة الواردة في التحصيل، وظاهر من كلام الناسخ أنَّه كتابٌ آخر، حيث بيَّن الناسخ أن اسمه (مقاصد العقول من معاقد المحصول)، وإنني أستطيع أن أسميه شرحًا للمحصول، والأسئلة الواردة على التحصيل وجدتها مجموعة في آخر إحدى نسخ التحصيل، وذكر ناسخها أنَّه وضعها في آخر الكتاب من باب الإلحاق، حيث إنه نقَّب عنها من داخل التحصيل، وذكرها في آخره، وهي لا تعدو عشر صفحات كان يبدؤها بقوله:"ولقائلٍ أن يقول".
وما إن اطلعتُ على هذه الحقيقة، حتَّى دهشتُ واستغربتُ ممن ترجم للأرموي كيف أن هذا الكتاب يبقى في عالم النسيان، وهذا أوقد في نفسي شكًا في صحة نسبة الكتاب إليه، فدفعني ذلك إلى البحث من جديد في مصنفات من اشتغل بمؤلفات القاضي سراج الدين الأرموي، لعلي أجد بصيصًا من النور يرشدني لصحة نسبة هذا الكتاب إليه.
وفعلًا طفقتُ أبحث عمن ذكر هذا الكتاب أو نقل عنه، حتَّى هداني الله لقراءة كتاب نهاية السول من ألفه إلى يائه, لأنه أكثر كتاب استفاد من التحصيل فإذا بي أجد ضالتي المنشودة في نهاية جزئه الأول ١/ ٢٣٥ في (مسألة إعمال المشترك في جميع مفهوماته غير المتضادة) فنقل الإِمام الإسنوي -رحمه الله- عن شمس الدين محمَّد بن محمود الأصفهاني المتوفى