للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مسألةٍ مسألة، فإذا وجد فيها العلة صح القياس وإلَّا فلا. لكن كل مسألةٍ بهذه المثابة.

والشافعي ذكر مناقضتهم في هذا الباب فإنهم قاسوا في الحدود وتعدوا إلى الاستحسان. فأوجبوا الرجم بشهود الزوايا بالاستحسان (١) مع مخالفته للعقل، وقاسوا الإفطار بالأكل على الإفطار بالوقاع (٢). وقتل الصيد ناسياً على قتله عامداً مع تقييد النص بالعمد.

فإن قلتَ: إنما أثبتنا بالاستدلال: قلت: فالاستدلال قياس إذ يجب فيه أن يقال حكم الأصل إمَّا ليس بمعلل أو معلل بالفارق أو المشترك. والأولان باطلان وهذا هو القياس واستخراج العلة بالتقسيم. وأثبتوا تقديرات الدلو والبئر بالقياس وقاسوا في الرخص حتى انتهوا في الاستنجاء إلى نفي استعمال الأحجار، وحكموا بذلك في كل النجاسات. وقاسوا العاصي بسفره على المطيع (٣) مع أن القياس ينفي الرخصة إذ الرخصة إعانة والمعصية لا تناسبها.

احتجوا في الحدود بقوله عليه السلام: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" (٤)،


(١) "سقط من "ب" بالاستحسان , ومسألة شهود الزوايا: هي أن يشهد أربعة أشخاص على شخص بأنه زنى بامرأة. وعين كل شاهدٍ منهم زاوية غير الآخر فعند الحنفية يجب الحد على المشهود عليه استحساناً. وعند الشافعي لا يحد حتى لو تقاربت الزوايا. وعند أحمد ومالك يحد إذا تقاربت الزوايا، انظر المغني لابن قدامة ١٠/ ١٨٣، ومختصر المزني بهامش الأم ٥/ ٢٥٩.
(٢) قال صاحب الهداية: ولو أكل أو شرب ما يتغذى به أو يتداوى به فعليه القضاء والكفَّارة، لأنَّ الكفارة تعلقت بجناية الإفطار في رمضان على وجه الكمال وقد تحققت، انظر فتح القدير ٢/ ٣٣٨.
(٣) قال صاحب الهداية: والعاصي والمطيع في سفرهما سوإء لأن نفس السفر ليس بمعصية وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره فصلح تعلق الرخصة به. انظر فتح القدير ٢/ ٤٦.
(٤) رواه الحارثي في مسند أبي حنيفة عن ابن عباس مرفوعاً. وأخرجه ابن السمعاني عن عمر بن عبد العزيز وأخرجه ابن أبي شيبة وابن حزم ورواه البيهقي والحاكم والترمذي وأبو يعلى عن عائشة وغيرها بلفظ: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلو سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوية"، وروته كتب أخرى عن كثير من الصحابة (كشف الخفا ١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>