للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقاد الرجحان فهو باطل وإن عنيت به العزم على الإتيان (١) فإن كان ذلك جازماً وجب الفعل ولا إذن ولا منع، وإلَّا جاز الرجوع (٢) عنه فسقط ما ذكرتم.

ب - أنه لا قائل بالفرق وأيضاً إثبات الإباحة عند تعارض أمارتي الوجوب والحظر إسقاط لهما، وإثبات حكمٍ بلا دليل يدل عليه.

جـ - أن المقصود من نصب الأمارة التوسل إلى الحكم. والعبث فعل ما يمتنع حصول المقصود منه. والتعادل الذهني لقصورنا لا يوجب امتناع التوسل إلى المقصود.

أما تعادل الأمارتين في الفعلين المتنافيين والحكم واحد جائز. فإن من ملك مائتين من الإبل مخير، فإن أخرج خمس بنات لبون عمل بقوله عليه السلام: "في كل أربعين بنت لبون" (٣). وإن أخرج أربع حقاق عمل بقوله عليه السلام: "في كل خمسين حقة". وليس أحدهما أولى من الآخر. ومثله تخير المصلي داخل الكعبة. والولي إذا وجد لبناً يسد رمق أحد الطفلين ولو قسم عليهما ماتا. ولأن إيجاب الفعلين المتنافيين يقتضي إيجابهما على البدل.

فإن قيل: التخيير إسقاط لأمارتين. قلنا: لا نسلم إذ المنع من الترك موقوف على عدم الدليل على قيام العزم (٤) مقام الواجب.

" فرع"

هذا التعادل إن حصل للمجتهد تخير في نفسه، وإن استفْتِيَ خيَّر، وإن استحكم عَيَّنَ ليقطع الخصومة. وإذا حكم بإحدى الأمارتين مرةً لم يمتنع


(١) في "هـ" (على البيان) بدل الإتيان.
(٢) في "د" (الترجيح) بدل (الرجوع).
(٣) رواه البخاري وأبو داود وغيرهما جزء من حديث طويل جداً عن أبي بكر. ولفظ هذا الجزء (فإذا زادت على عشرين ومئة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة) فتح الباري ٣/ ٣١٧، أبو داود ٢/ ٩٧، بلوغ المرام ٦٩.
(٤) في "أ" العزم وفي جميع النسخ الغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>