للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد البر النمري (١) في كتابه جامع (٢) بيان العلم وفضله، فنقلوا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّه قال: (لو كان الدين يؤخذ قياسًا لكان باطن الخف أولى بالمسح من أعلاه) (٣). ونقلوا عن ابن عمر رضي الله عنه أنَّه قال: (من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه) (٤). ونقلوا عن ابن عباس رضي الله عنه أنَّه قال: (يذهب قراؤكم وصلحاؤكم ويتخذ النَّاس رؤساء جهالًا يقيسون الأمور برأيهم) (٥). ونقلوا عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه قال: (السنة ما سنه رسول الله، لا تجعلوا الرأي سنّة المسلمين) (٦).

وقد وردت آثارٌ أخرى كثيرة جدًا أَيضًا عن تلاميذهم من كبار التابعين، والتناقض بين فعل الصَّحَابَة رضوان الله عليهم وهذه الأقوال لا يليق بهم أبدًا، فلذا لا مناص من الجمع بين هذه الأقوال وما ورد عنهم من القول بالقياس أن هذه الأقوال محمولة على القياس المذموم، وهو الذي يكون قبل التفتيش والتدقيق عن وجود النص. والقياسِ مع وجود النص باطل عند كل من يعتد بقولهم من علماء الإِسلام وقد صرَح أئمة الفقه بذلك قال الإِمام مالك: (كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد عليه إلَّا صاحب هذا القبر). وقال الشَّافعيّ: (إذا خالف رأي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضربوا به عرض الحائط). وقد يكون ذمهم للقياس الفاقد لشرائط القياس أو ما يتعارض مع عمومات الشريعة


(١) يوسف بن عبد الله بن محمَّد بن عبد البر بن عاصم النمري الأندلسي القرطبي المالكي أبو عمر، ولد بقرطبة سنة ٣٦٨ هـ، حافظ محدث مؤرخ عارف بالرجال والأنساب مقرئ فقيه نحوي، له: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحرير التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، وجامع بيان العلم وغيرها. له ترجمة في وفيات الأعيان ٢/ ٤٥٨، جذوة المقتبس ٣٤٤، البداية والنهاية لابن كثير ١٢/ ١٠٤، مرآة الجنان لليافعي ٣/ ٨٩، تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ٣٠٦، معجم المؤلفين ١٣/ ٣١٦.
(٢) جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته ونقله لابن عبد البر، أعظم ما أَلْف في بابه طبع
كثيرًا، منها طبع المنيرية في جزءين.
(٣) انظر القسم التحقيقي في هذا الكتاب ص (٢/ ١٧٢).
(٤) انظر القسم التحقيقي صفحة رقم (٢/ ١٧٢).
(٥) انظر القسم التحقيقي صفحة رقم (٢/ ١٧٢).
(٦) انظر القسم التحقيقي صفحة رقم (٢/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>