الهدي أو الصيام بدلا منه على الغرباء، لا على أهل مكة، وقيل: ذلك إشارة إلى التمتع.
الْحَجُّ أَشْهُرٌ التقدير: أشهر الحج أشهر، أو الحج في أشهر وهي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة، وقيل: العشر الأول منه، وينبني على ذلك أن من أخر طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة: فعليه دم على القول بالعشر الأول، ولا دم عليه على قول بجميع الشهر، واختلف فيمن أحرم بالحج قبل هذه الأشهر، فأجازه مالك على كراهة. ولم يجزه الشافعي وداود لتعيين هذا الاسم كذلك فكأنها كوقت الصلاة فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ أي ألزم بالحج نفسه فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ الرفث: الجماع، وقيل الفحش من الكلام، والفسوق: المعاصي، والجدال: المراء مطلقا، وقيل: المجادلة في مواقيت الحج، وقيل: النسيء الذي كانت العرب تفعله وَتَزَوَّدُوا قيل: احملوا زادا في السفر، وقيل:
تزوّدوا للآخرة بالتقوى، وهو الأرجح لما بعده فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أي التجارة في أيام الحج أباحها الله تعالى، وقرأ ابن عباس: فضلا من ربكم في مواسم الحج أَفَضْتُمْ اندفعتم جملة واحدة مِنْ عَرَفاتٍ اسم علم للموقف، والتنوين فيه في مقابلة النون في جمع المذكر لا تنوين صرف، فإن فيه التعريف والتأنيث الْمَشْعَرِ الْحَرامِ أي المزدلفة، والوقوف بها سنة كَما هَداكُمْ الكاف للتعليل وَإِنْ كُنْتُمْ إن مخففة من الثقيلة، ولذلك جاء اللام في خبرها مِنْ قَبْلِهِ أي من قبل الهدى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ فيه قولان: أحدهما: أنه أمر للجنس وهم قريش ومن تبعهم كانوا يقفون بالمزدلفة لأنها حرم، ولا يقفون بعرفة مع سائر الناس لأنها حلّ، ويقولون: نحن أهل الحرم لا نقف إلّا بالحرم، فأمرهم الله تعالى أن يقفوا بعرفة مع الناس ويفيضوا منها، وقد كان النبي صلى الله عليه واله وسلّم قبل ذلك يقف مع الناس بعرفة توفيقا من الله تعالى له، والقول الثاني: أنها خطاب لجميع الناس، ومعناها: أفيضوا من المزدلفة إلى منى، فثم: على هذا القول على بابها من الترتيب، وأما على القول الأوّل فليست للترتيب، بل للعطف خاصة، قال الزمخشري: هي كقولك: أحسن إلى الناس، ثم لا تحسن إلى غير كريم، فإن معناها التفاوت بين ما قبلها وما بعدها وأن ما بعدها أوكد قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فرغتم من أعمال الحج كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ لأن الإنسان كثيرا ما يذكر آباءه، وقيل: كانت العرب يذكرون