الذين لا يعلمون كفار العرب، وأما على القول بأن الذين لا يعلمون اليهود والنصارى، فالذين من قبلهم هم أمم الأنبياء المتقدمين تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ الضمير للذين لا يعلمون، وللذين من قبلهم، وتشابه قلوبهم في الكفر أو في طلب ما لا يصح أن يطلب، وهو كقولهم: لولا يكلمنا الله قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ أخبر تعالى أنه قد بين الآيات لعنادهم إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ خطابا للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم، والمراد بالحق التوحيد، وكل ما جاءت به الشريعة بَشِيراً وَنَذِيراً تبشر المؤمنين بالجنة، وتنذر الكافرين بالنار، وهذا معناه حيث وقع وَلا تُسْئَلُ بالجزم نهي «١» ، وسببها أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم سأل عن حال آبائه في الآخرة فنزلت، وقيل: إن ذلك على معنى التهويل كقولك: لا تسأل عن فلان لشدّة حاله، وقرأ غير نافع بضم التاء واللام: أي لا تسأل في القيامة عن ذنوبهم مِلَّتَهُمْ ذكرها مفردة وإن كانت ملتين لأنهما متفقتان في الكفر، فكأنهما ملة واحدة قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى لا ما عليه اليهود والنصارى، والمعنى: أن الذي أنت عليه يا محمد هو الهدى الحقيقي لأنه هدى من عند الله بخلاف ما يدّعيه اليهود والنصارى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ جمع هوى، ويعني به ما هم عليه من الأديان الفاسدة والأقوال المضلة لأنهم اتبعوها بغير حجة بل بهوى النفوس والضمير لليهود والنصارى، والخطاب لمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد علم الله أنه لا يتبع أهواءهم، ولكن قال ذلك على وجه التهديد لو وقع ذلك، فهو على معنى الفرض والتقدير، ويحتمل أن يكون خطابا له صلّى الله عليه وسلّم، والمراد غيره الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يعني المسلمين، والكتاب على هذا: القرآن، وقيل: هم من أسلم من بني إسرائيل، والكتاب على هذا التوراة، ويحتمل العموم، ويكون الكتاب اسم جنس يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أي يقرءونه كما يجب من التدبر له والعمل به، وقيل: معناه يتبعونه حق إتباعه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والأوّل أظهر، فإن التلاوة وإن كانت تقال بمعنى القراءة، وبمعنى الاتباع فإنه أظهر في معنى القراءة، لا سيما إذا كانت تلاوة الكتاب، ويحتمل أن تكون هذه الجملة في موضع الحال، ويكون الخبر أولئك يؤمنون، وهذا أرجح، لأن مقصود الكلام الثناء عليهم بالإيمان، أو إقامة الحجة بإيمانهم على غيرهم ممن لم يؤمن يا بَنِي إِسْرائِيلَ الآية: تقدّم الكلام على نظيرتها