للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقيقته أنه قارب أن ينقضّ ووزن ينقضّ ينفعلّ وقيل: يفعلّ بالتشديد كيحمرّ فَأَقامَهُ قيل: إنه هدمه ثم بناه وقيل مسحه بيده وأقامه فقام لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً أي قال موسى للخضر: لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي طعاما نأكله قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ إنما قال له هذا لأجل شرطه في قوله: «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» على أن قوله «لو شئت لاتخذت عليه أجرا» ليس بسؤال ولكن في ضمنه أمر بأخذ الأجرة عليه لأنهما كانا محتاجين إلى الطعام، والبين هنا ليس بظرف وإنما معناه الوصلة والقرب، وقال الزمخشري: الأصل هذا فراق بيني وبينك بتنوين فراق ونصب بيني على الظرفية، ثم أضيف المصدر إلى الظرف والإشارة بقوله هذا إلى السؤال الثالث، الذي أوجب الفراق.

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ قيل: إنهم تجار، ولكنه قال فيهم: مساكين على وجه الإشفاق عليهم، لأنهم كانوا يغصبون سفينتهم أو لكونهم في لجج البحر، وقيل:

كانوا إخوة عشرة منهم خمسة عالمون بالسفينة، وخمسة ذوو عاهات لا قدرة لهم وقرئ مسّاكين بتشديد السين، أي يمسكون السفينة وَكانَ وَراءَهُمْ قيل: معناه قدامهم، وقرأ ابن عباس أمامهم، وقال ابن عطية: إن وراءهم على بابه ولكن روعي به الزمان فالوراء هو المستقبل والأمام هو الماضي كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً عموم معناه الخصوص في الجياد والصحاح من السفن، ولذلك قرأ ابن مسعود: يأخذ كل سفينة صالحة، وقيل: إن اسم هذا الملك هدد بن يدد وهذا يفتقر إلى نقل صحيح، وفي الكلام تقديم وتأخير، لأن قوله فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها. مؤخر في المعنى عن ذكر غصبها لأن خوف الغصب سبب في أنه عابها وإنما قدم للعناية به.

وَأَمَّا الْغُلامُ روي أنه كان كافرا، وروي أنه كان يفسد في الأرض، فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما المتكلم بذلك الخضر وقيل: إنه من كلام الله وتأويله على هذا فكرهنا، وقال ابن عطية: إنه من نحو ما وقع في القرن «١» من عسى ولعل، وإنما هو في حق المخاطبين ومعنى: يرهقهما طغيانا وكفرا: يكلفهما ذلك، والمعنى أن يحملهما حبه على اتباعه أو يضر بهما لمخالطته مع مخالفته لهما خَيْراً مِنْهُ أي غلاما آخرا خيرا من الغلام المذكور المقتول زَكاةً أي طهارة وفضيلة في دينه وَأَقْرَبَ رُحْماً أي رحمة وشفقة، فقيل: المعنى أن يرحمهما، وقيل يرحمانه

لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ اليتيم من فقد أبويه قبل البلوغ، وروي أن اسم الغلامين أصرم وصريم، واسم أبيهما كاشح وهذا


(١) . القرن كذا ولعل الصواب: الفرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>