للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: ليست بمنسوخة، لأن احتمال الأذى مندوب إليه على كل حال، وأما القتال على الإسلام فليس من ذلك، وروي: أن الآية نزلت في عمر بن الخطاب شتمه رجل من الكفار فأراد عمر أن يبطش به، وأيام الله هي نعمه، فالرجاء على أصله، وقيل: أيام الله عبارة عن عقابه، فالرجاء بمعنى الخوف ويغفروا مجزوم في جواب شرط مقدر دل عليه قل، قال الزمخشري حذف معمول القول، والمعنى: قل لهم اغفروا يغفروا لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فاعل يجزي ضمير يعود على الله، وقرئ «١» بنون المتكلم، وقال ابن عطية إن الآية وعيد، فالقوم على هذا هم الذين لا يرجون أيام الله ويكسبون يعني السيئات، وقال الزمخشري: القوم هم الذين آمنوا وجزاؤهم الثواب بما كانوا يكسبون بكظم الغيظ واحتمال المكروه

عَلَى الْعالَمِينَ ذكر في البقرة: ٤٧ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ أي معجزات من أمر الدين جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ أي ملة ودين.

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا

أم هنا للإنكار، واجترحوا اكتسبوا، والمراد بالذين اجترحوا السيئات الكفار لمقابلته بالذين آمنوا، ولأن الآية مكية: وقد يتناول لفظها المذنبين من المؤمنين، ولذلك يذكر أن الفضيل بن عياض قرأها بالليل فما زال يردّدها ويبكي طول الليل، ويقول لنفسه: من أي الفريقين أنت؟ ومعناها:

إنكار ما حسبه الكفار من أن يكونوا هم والمؤمنون سواء في المحيا والممات، وفي تأويلها مع ذلك قولان: أحدهما أن المراد ليس المؤمنون سواء مع الكفار، لا في المحيا ولا في الممات، فإن المؤمنين عاشوا على التقوى والطاعة، والكفار عاشوا على الكفر والمعصية وكذلك ملتهم ليست سواء، والقول الآخر أنهم استووا في المحيا في أمور الدنيا من الصحة والرزق فلا يستوون في الممات، بل يسعد المؤمنون ويشقى الكافرون، فالمراد بها إثبات الجزاء في الآخرة، وتفضيل المؤمنين على الكافرين في الآخرة، وهذا المعنى هو الأظهر والأرجح فيكون معنى الآية كقوله: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [القلم: ٣٥] وكقوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص: ٢٨] سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ

هذه الجملة بدل من الكاف في قوله:

حسبه الكفار من أن يكونوا هم والمؤمنون سواء في المحيا والممات، وفي تأويلها مع ذلك قولان: أحدهما أن المراد ليس المؤمنون سواء مع الكفار، لا في المحيا ولا في الممات، فإن المؤمنين عاشوا على التقوى والطاعة، والكفار عاشوا على الكفر والمعصية وكذلك ملتهم ليست سواء، والقول الآخر أنهم استووا في المحيا في أمور الدنيا من الصحة والرزق فلا يستوون في الممات، بل يسعد المؤمنون ويشقى الكافرون، فالمراد بها إثبات الجزاء في الآخرة، وتفضيل المؤمنين على الكافرين في الآخرة، وهذا المعنى هو الأظهر والأرجح فيكون معنى الآية كقوله: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [القلم: ٣٥] وكقوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص: ٢٨] سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ

هذه الجملة بدل من الكاف في قوله: كَالَّذِينَ آمَنُوا وهي مفسرة للتشبيه، وهي داخلة فيما أنكره الله مما حسبه الكفار، وقيل:


(١) . قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: لنجزي قوما وقرأ الباقون: ليجزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>