للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصاحف، وهذه الآية متصلة المعنى بقوله: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا: أي في قدرتنا أن نذهب بالذي أوحينا إليك فلا يبقى عندك شيء من العلم وَكِيلًا أي من يتوكل بإعادته وردّه بعد ذهابه

إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يحتمل أن يكون استثناء متصلا، فمعنى أن رحمة ربك ترد القرآن بعد ذهابه لو ذهب، أو استثناء منقطعا بمعنى أن رحمة ربك تمسكه عن الذهاب.

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ عجز الخلق عن الإتيان بمثله لما تضمنه من العلوم الإلهية، والبراهين الواضحة والمعاني العجيبة التي لم يكن الناس يعلمونها، ولا يصلون إليها، ثم جاءت فيه على الكمال، وقال أكثر الناس: إنهم عجزوا عنه لفصاحته وحسن نظمه. ووجوه إعجازه كثيرة قد ذكرنا في غير هذا منها خمسة عشر وجها ظَهِيراً أي معينا وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ أي بينا لهم كل شيء من العلوم النافعة، والبراهين القائمة، والحجج الواضحة، وهذا يدل على إن إعجاز القرآن بما فيه من المعاني والعلوم كما ذكرنا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً الكفور: الجحود، وانتصب بقوله أبى لأنه في معنى النفي وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً «١» الذين قالوا هذا القول هم أشراف قريش طلبوا من النبي صلّى الله تعالى عليه على اله وسلّم أنواعا من خوارق العادات، وهي التي ذكرها الله في هذه الآية، وقيل: إن الذي قاله عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، وكان ابن عمة النبي صلّى الله تعالى عليه على اله وسلّم، ثم أسلم بعد ذلك والينبوع العين، قالوا له: إن مكة قليلة الماء ففجر لنا فيها عينا من الماء أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً إشارة إلى قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ، وكسفا بفتح السين «٢» جمع كسفة وهي القطعة، وقرئ بالإسكان: أي قطعا واحدا قَبِيلًا قيل معناه مقابلة ومعاينة وقيل: ضامنا شاهدا بصدقك، والقبالة في اللغة: الضمان بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أي من ذهب قُلْ سُبْحانَ رَبِّي تعجب من اقتراحاتهم، أو تنزيه لله عن قولهم: تأتي بالله، وعن أن


(١) . قرأ عاصم وحمزة والكسائي: تفجر. وقرأ الباقون: تفجّر بالتشديد.
(٢) . قرأ نافع وعاصم وابن عامر كسفا: بفتح السين وقرأ الباقون بسكون السين.

<<  <  ج: ص:  >  >>