وأما قول ابن عباس: فتأويله بوجهين: الأوّل: أنّ: كنت بمعنى أنت، والثاني: قيل: إن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم صلّى إلى الكعبة قبل بيت المقدس، وإعراب الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها مفعول بجعلنا، أو صفة للقبلة، ومعنى الآية على القولين: اختبار وفتنة للناس بأمر القبلة، وأما على قول قتادة: فإن الصلاة إلى بيت المقدس فتنة للعرب، لأنهم كانوا يعظمون الكعبة، أو فتنة لمن أنكر تحويلها، وتقديره على هذا: ما جعلنا صرف القبلة، أمّا على قول ابن عباس: فإنّ الصلاة إلى الكعبة فتنة لليهود لأنهم يعظمون بيت المقدس، وهم مع ذلك ينكرون النسخ، فأنكروا صرف القبلة، أو فتنة لضعفاء المسلمين حتى رجع بعضهم عن الإسلام حين صرفت القبلة لِنَعْلَمَ أي العلم الذي تقوم به الحجة على العبد وهو إذا ظهر في الوجود ما علمه الله يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ عبارة عن الارتداد عن الإسلام، وهو تشبيه بمن رجع يمشي إلى وراء وَإِنْ كانَتْ إن مخففة من الثقيلة واسم كان ضمير الفعلة وهي التحوّل عن القبلة إِيمانَكُمْ قيل صلاتكم إلى بيت المقدس واستدل به من قال إنّ الأعمال من الإيمان، وقيل: معناه ثبوتكم على الإيمان حين انقلب غيركم بسبب تحويل القبلة
تَقَلُّبَ وَجْهِكَ كان النبي صلّى الله عليه واله وسلّم يرفع رأسه إلى السماء رجاء أن يؤمر بالصلاة إلى الكعبة شَطْرَ الْمَسْجِدِ جهة وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ خبر يتضمن النهي ووحدت قبلتهم، وإن كانت جهتين لاتحادهم في البطلان وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ لأنّ اليهود لعنهم الله يستقبلون المغرب والنصارى المشرق يَعْرِفُونَهُ أي يعرفون القرآن أو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أو أمر القبلة كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ مبالغة في وصف المعرفة، وقال عبد الله بن سلام معرفتي بالنبي صلّى الله عليه واله وسلّم أشدّ من معرفتي بابني لأنّ ابني قد يمكن فيه الشك لِكُلٍ
أي لكل أحد أو لكل طائفةجْهَةٌ
أي جهة، ولم تحذف الواو لأنه ظرف مكان، وقيل: إنه مصدر، وثبت فيه الواو على غير قياس وَمُوَلِّيها
أي موليها وجهه وقرئ مولاها أي ولّاه الله إليها والمعنى أن الله جعل لكل أمة قبلةاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
أي بادروا إلى الأعمال الصالحات أْتِ بِكُمُ اللَّهُ